ثقافة

“ثائر العجلاني”.. صوت الشهادة هو الأبقى والأنبل

وشاهدُ آخر وشهيدُ آخر من الإعلام السوري، شاهدُ على قسوة الزمان، على اتساع الأحزان هنا، في ساحات الوغى حيثُ هناك من يبحث عن جولات الحق ومجيئها
عن أوقات صلاتها، هناك من يرفع لواء الكلمة إلى جنان الانتصار أو الأكثر، من يبحث مع حماة الديار عن خيوط الشمس الأولى ويتمسك بتلك الخيوط، يتمسك بتلك المبادئ مبادئ الإعلام النير. كل المسميات تبدو حزينة تبكيك يا ثائر، وكأنها شعاع من النور أقسم على الرحيل معك يا ثائر ومع رجال الشمس، لقد كنتَ في جوبر تنتظر أن تأتي ساعة الانتصار، ساعة إعلان ذلك النصر الذي ننتظر،
شاهدُ آخر، كنتَ الأقوى والأصلبُ، كنتَ كمن يحمل الوطن بين عينيه ويمجد الكلمة بفعلِ هامِ مرتجى الفخار، هناك عشتَ معهم، مع رجالات الله، كنتَ تريد أن تصور بطولاتهم، أن تخلد روايات جوعهم وبردهم والصيف الحارق الذي يكوي جبهاتهم، كنتَ تريد أن تحدثنا وتحدث العالم كله عن قداسة بنادقهم، عن كل شيء لمحته عيونهم، ماذا نكتبُ اليوم والكتابة بالدم هي الأقدس، هي الأجدر، هي الأصدق، نعم الأصدق لأنها الشهادة تعمدك ختماً سامٍ وضعه قلبك في نهاية المؤتمر الإعلامي ضد الإرهاب والتكفيريين.
نعم كنتَ الأصدق كما كوكبة الإعلام المقاوم لدينا، نحن الورقة الأمثل في المؤتمر، نحن الصوت الذي لا يموت، نحن الأبقى رغم الموت والجراح، رغم كل شيء نكتب البقاء، نكتبُ بحبر الدم، نكتبه بلغة الأقوياء الذين لا يهابون الموت، لا يهابون الشهادة وهيهات منا المذلة، نحن وإن احترقنا ذات يومٍ أسعدتني الجراح وذلك الانتظار المأمول لبرد الأيام وسلامها، لبريق الغد الذي ننتظر رغم الظلمة الحلكة نؤمن بأن الفجر القريب، الشمسُ لا تحجب عندما تمرُ الغيوم، عندما تتكدس هناك وهناك يبقى نورها الأبقى، يبقى بهاءها هو الأجملُ ويبقى لنا الأمل في انزياح ثقافة اللون الأسود من حياتنا، ثقافة الانكسار إذ ما غادر أحد الأحبة إلى جنان الخلد. غادر شهيد في سبيل وطنه وقضية سامية كانت وستبقى كذلك قضيتنا هي الأسمى، كذلك من دافعوا عنها ومن يدفعون عنها الليل والنهار، يكتبون حكايات المجد مع رجالات الله، معك. لقد زرعتك الحرب الدائرة على تلال المجد حيثُ تتمركز مع العيون الساهرة، مع حماة الوطن وحراس ليله ونهاره، زرعتك حيث يكون كل إنسان شريف هناك بين الكلمات التي تقول وطن، شرف، إخلاص. هناك بين ماهية كل الأشياء التي تُصبح مقدسة خلال عبورها من على الخطوط الأولى، خطوط الموت والحياة الأبدية حياة الخلود والخالدين، هناك كنتَ يا ثائر وكان شهداء الإعلام المقاوم، كانوا في كل مقدمة، كانوا المحبرة التي تكتبُ لنا بطولات الأقدس من البشر والأنبل، كانوا في علياء ما تمنوا وفي سبيل قداسة ما صبوا إليه، و كانت شهادتهم من أجله،    لقد زرعتم يا ثائر هناك بين سفوح القداسة، زرعتم من أجل إظهار صوت الحق وصورة الحقيقة، من أجل الالتصاق المباشر مع رجال الجيش – لقد كنتم الرديف الأمثل وصدى لقوة أفعالهم العظيمة كنتم، وستبقون منارة الإعلام وصوت الرأي الجريء الباقي، صوت الإعلام المقاوم.
ستبقى يا ثائر كما رجال الشمس الصوت الأبقى والأنبل،رحمك الله يا شهيد الكلمة والإعلام المقاوم.
منال محمد يوسف