ثقافة

عيد العطاء والتضحية

تزهو سورية بأمهات قدمّن أنموذجاً يحتذى في العطاء الإنساني، فما من موقف أكثر تأثراً من صورة دموع أم وهي تزغرد فوق نعش ابنها، هذه هي المرأة السورية تلمّلم جراحها وتنهض لتبعث الأمل من جديد، تبتسم من شدة ألمها، لكنها  لا تركع، تقف شامخة منتصرة على كل الآلام وينتصر الجميع معها.. إنها سورية الأم.
واليوم تستحق كل أم سورية لقب المناضلة، خاصة أمهات الشهداء لتربيتهم جيلاً صالحاً مؤمناً بوطنه، مدافعاً عنه بكل إخلاص، فتحية لكل أم سورية مازالت تربّي وتنشئ جيلاً يحب الوطن ويحافظ عليه، ليبقى الحضن الأكبر الذي يستحق الوفاء والتضحية، فالأمهات في وطننا وراء كل تقدم وكل بطولة وتضحية، وسبب استمرار الحياة وازدهارها .
لقد تعلّمت الأمهات السوريات كيف يكون العطاء فقدمّن أبناءهن شهيداً تلو الشهيد قرباناً على مذبح الشهادة من أجل أن يكون الوطن كريماً عزيزاً منيعاً، فحاكت كل أم على طريقتها قصة أمومة فريدة جعلتها حكاية ومثالاً يحتذى، وغيّرت بشموخها وإراداتها معنى الحزن، وانقلبت الدموع إلى زغاريد باستقبال الشهداء.
أم الشهيد بكل ما تختزنه من قيم البطولة والكرم والتضحية والعطاء، أثبت التاريخ عظمتك منذ القدم، وأثبتت الأم السورية أنها إنسانة عظيمة في عطائها وكفاحها في تربية أولادها على مكارم الأخلاق، ترضعهم حب الوطن والذود عنه بالروح والدم. إنها الأم السورية الشجاعة الصورة التي لا ترضى بذلك ولم تستسلم يوما لليأس والضعف، بل قدمّت أبناءها شهداء في سبيل الدفاع عن شرف وكبرياء الوطن.
لقد أّدّت الأم رسالتها الإنسانية المقدّسة ومهمتها التربوية خير أداء في بناء الإنسان القادر على تحمّل المسؤولية والعطاء والإبداع وإغناء مسيرة الحياة الإنسانية، لذلك قيل: الأم التي تهز السرير بيمينها تهز العالم بيسارها، ويد الأم هو اعتراف برسالة هذه الإنسانة وتكريم الأم هو حالة من تقديم الشكر والعرفان بجميل صنيعها وبمكانتها السامية، والتي قال عنها الرئيس المؤسس حافظ الأسد: “إنها تشّكل نصف المجتمع وتربي نصفه الآخر، أي أنها في المحصلة تربي المجتمع كله”.
لقد كان أجمل تكريم للأم حين أُقر عيدها رسمياً في سورية، وتوالت العطاءات في ظل قيادة السيد الرئيس بشار الأسد، واستمرت المرأة السورية بممارسة دورها الكبير والفاعل في تربية جيل واع مثقف وطنيا وقوميا، ليكون عنصرا فعالا في بناء الوطن. وعيد الأم هو عيد حقيقي لأم الشهيد التي تستحق التهنئة, لأنها أنجبت وربّت أطفالا ورعت شبابا ضحّوا بحياتهم من أجل عزة وطنهم  وكرامته. فهنيئاً لها بشهيدها, وهنيئا لكل أم قدمّت فلذة كبدها دفاعا عن أرض الوطن وحماية سورية مما تتعرض له من مؤامرة دنيئة تستهدف وجودها العروبي. نعم إنها الأم السورية العظيمة المعطاءة التي ما فتئت تقف على قدميها ومع كل تضحية تقدمها نراها أقوى من ذي قبل, فهي الواعية المدركة لكل ما يجري في بلدها من مؤامرات، ولهذا تراها تقدّم أولادها الواحد تلو الآخر بكل فخر واعتزاز ورباطة جأش وتقول: “الحمدلله،الوطن غالٍ، ويستحق أن نضّحي من أجله”.
عيد الأم هو يوم تكريم الأمهات واعتراف عالمي برسالتهن وبدورهن وتضحياتهن الكبيرة لأنهن القضية الأجمل والأروع، فكلماتنا تخجل حينما تصفها لأنه لايوجد وصف يفيها حقها حيث تتناثر الحروف مرتبكة تبحث عن ظل يأويها لتضيق المعاني وتبقى هي الأعظم بإبداعها في العطاء والتضحية، لأنها لا تقدّم إلا الحب.
بهذه المناسبة لابد لنا من أن ننحني احتراماً وإجلالاً لأمهات الشهداء وكل أمهات العالم. والى أمي التي غطّاها الثرى ألف إكليل غار يسيج ثراها الطاهر وكل عام وأمهات الوطن بخير.
إبراهيم أحمد