ثقافة

“تفل قهوة”.. صرخة حواء بحنجرة وطن

“تفل قهوة “مونودراما أراد بها كاتبها الروائي السوري هيثم الطفيلي أن تكون حنجرة للوطن في ضجيجه وضوءٌ لحواء في عتمة أيامها، وقصيدة طويلة من الأفكار في زمن الاختصارات الخاطئة، تلك المسرحية التي لاقت جمهورها الأول على خشبة أحد مسارح بيروت كخطوة أولى للانتقال بعدها إلى مسارح دمشق، هي عمل سوري لبناني تعنى بمونولوج حواء الداخلي بجميع تناقضاته وانفعالاته، بين سطورها تقرأ الوطن والحب والسلام والأنثى.

دمشق..محطتنا القادمة
في وقفة مع الطفيلي حول عمله هذا قال: محفز كتابتي لهذا العمل هي المخرجة السينمائية مروة قرعوني- بطلة المسرحية- التي اقترحت علي إنتاج مسرحية تعنى بداخل حواء ومنولوجها، ولأن مروة تحمل الجنسية اللبنانية اتفقنا بداية أن يكون عرض المسرحية في بيروت ودمشق ولاحقاً في عمان،  مؤكداً أن الحرب لم تكن سبب عرض المسرحية بداية في بيروت، فهو يرى أن الحرب أحد الدوافع الأساسية لنرفع صوتنا أقوى، ثم إننا متفقون مع المخرج هشام زين الدين على أن تكون مسرحية “تفل قهوة” أغنية عابرة للحدود، وستكون إحدى أهم محطاتها قلادة الله التي نزين بها ليل “دمشق”.

صرخة امرأة
المسرحية التي انتهت عروضها مؤخراً في بيروت هي صرخة بصوت امرأة في منتصف العمر، في وجه مجتمع يفضل رجال الدين على الله، والسياسة على الموسيقى، واللصوص على الوطن – كما يقول الطفيلي-  ويختار ثقافة الكره عوضاً عن  قصيدة حب، أما عن اسمها ” تفل قهوة” فأجاب: إن القهوة لا تشرب إذا لم تشعل النار تحتها وتغلى جيداً، لكن عليك أن تحذر من أن تنساها على النار حتى لا تصبح تفل قهوة، كذلك الأنوثة التي لازالت الحرب تغليها على نار الحزن والانتظار والأحلام المؤجلة حتى صارت تفلاً.

أراجيح الوجود
يمتد العمل على مدى ساعة وربع يختصر فيها كل معاني الحياة وتفاصيلها بصوت وحيد لامرأة واحدة، هي مريم التي تؤدي شخصيتها الممثلة قرعوني، تارة تحادث الراديو وتارة تراقص فساتين بيضاء، لتعود مرة أخرى تكلم مرآتها ككل أنثى في كل زمان، ويلفت الطفيلي إلى أن مريم تنتقل عبر خشبة المسرح على كل أراجيح وجودها “الموسيقى، الحلم، الإنسانية، الأنوثة، الوطن، الرجل، الله، الحب”، مؤكداً أن شخصية مريم هي بطلة المسرحية الوحيدة، لذلك المسرحية من نوع المونودراما لتكون همسة صدق نقية، ففي النهاية كل الصدق يكون بينك وبين نفسك والمسرحية عبارة عن لحظة مصارحة لحواء مع كل عُقدها وأحلامها، فهي تقدم هوية حواء كما هي دون كذبة مكياج واحدة.

حواء والحرب
وفي سؤال للطفيلي عن غرابة الحديث عن حواء والأنوثة في زمن الحرب قال: سأجيب على هذا السؤال من وحي المسرحية وصرخة مريم فيها “إذا أردت أن تعرف سيرة وطن فانظر كيف تموت لأجله الرجال وتعيش فيه الأنوثة”، فالأنثى كانت وستبقى تختصر حكايات الأوطان، لذا صدق من قال أن الرجل هو عصا هذا الوطن الضرير، والأنثى هي بصره وفكره، لذا ردوا لهذا الوطن عينيه بإصلاح فكرة حواء في رؤوسكم، فقد آن الأوان أن نعترف أن الإدارة الناعمة “حواء” هو ما يحتاجه الوطن.
لوردا فوزي