ثقافة

قبل إحيائها لحفل افتتاح مهرجان الموسيقا العربية ميـادة بسـيليـس: الأغنيــة الوطنيــة تحولــت إلــى موضــة..!!

تُلقَّب بأيقونة الغناء السوري، وهي التي ظلت مخلصة لهويتها الفنية الأصيلة، فقدمت وزوجها الفنان سمير كويفاتي أجمل الأغنيات السورية، وقد غردت خارج سرب ما يُقدم في الساحة الغنائية شكلاً ومضموناً.. ولأنها لا تقبل بالحلول الوسط تتحفنا المطربة ميادة بسيليس بين فترة وأخرى بتحفها الفنية التي أصبح الجمهور ينتظرها على أحر من الجمر والتي سيلتقيها غداً الخميس في حفل تحييه الفرقة الوطنية للموسيقا العربية في افتتاح مهرجان الموسيقا العربية في دورته الثالثة.. وقد حضرت “البعث” التحضيرات النهائية لهذا الحفل في دار الأسد للثقافة والفنون والتقت بسيليس وقائد الفرقة الوطنية للموسيقا العربية عدنان فتح الله.

سري بالشام
وبينت بسيليس في حوارها مع “البعث” أن أهمية المهرجان تأتي من إقامته في ظل الظروف الحالية الصعبة التي تعيشها سورية، وقد سبق أن شاركت في دورته الثانية من خلال إحياء حفل افتتاحه، وما يلفت الانتباه في برنامجه برأي بسيليس أنه يتضمن أغاني طربية وألواناً مختلفة من الغناء والموسيقا التي ترضي كل الأذواق، وللارتقاء به من المهم كما أشارت أن نعرف كيف ننتقي الفنانين المشاركين فيه لنرتقي بالأعمال التي يقدمها، موضحة أنها تجري الكثير من البروفات تمهيداً لمشاركتها فيه لتقدم حفلاً بسوية فنية لائقة، وهذا ما تسعى إليه في كل أعمالها لأنها تحترم الجمهور كثيراً، ولأنها تحترم مسيرتها الفنية ووقوفها على خشبة المسرح، منوهة إلى أهمية المهرجان لكونه فرصة جيدة لحضور المطربين وتمرير الأعمال المدروسة، وذلك بعد غياب مهرجان الأغنية السورية الذي توقف كما توقف العديد من المهرجانات الأخرى، ولم تنكر بسيليس أنها تنتهز فرصة المهرجان لتقديم أغانٍ جديدة لها، وهذا ما ستفعله في حفل الافتتاح الذي ستحييه من خلال تقديمها لمجموعة من الأغاني الجديدة مثل قصيدة “سري بالشام” و”حلب” و”الشهيد” و”بيضلو يقولو” و”احملني” (شارة مسلسل أيام لا تنسى) بالإضافة إلى أغانيها القديمة مثل “يا غالي” و”كذبك حلو” وغيرها، ليكون الختام كالعادة بأغنية وطنية هي “يا جبل ما يهزك ريح” مؤكدة بسيليس أنها حريصة على تقديم أغنيات وطنية في كل الحفلات التي تحييها، وهي غالباً ما تبدأ حفلاتها بأغنية وطنية وتختمها بأخرى، وتأسف لأن الأغنية الوطنية في ظل الأزمة الحالية تحولت إلى موضة يرغب فيها الجميع، مبينة أنها تعمل على تقديم أغنية وطنية ذات مستوى فني عالٍ لترتقي إلى معاني الوطن المقدس بالنسبة لها، وهو الحاضر في الكثير من أغنياتها قبل وبعد الأزمة.

أنت بقلبي
وعبرت بسيليس عن سعادتها بنجاح المهرجان في تشكيل جمهور موسيقي وغنائي متعطش للغناء الراقي، الذي يشبه رقي المكان الذي يقام فيه هذا المهرجان.
وعن ألبومها الأخير “أنت بقلبي” أشارت بسيليس إلى أن هذا الألبوم أخذ وقتاً طويلاً في التحضير إلى أن رأى النور مؤخراً، ويضم عشر أغانٍ تتنوع موضوعاتها وأشكالها الفنية، ليكون القاسم المشترك بينها جميعها مسحة الحزن التي كانت طاغية على هذا الألبوم، وهذا أمر طبيعي برأيها نظراً للظروف التي نعيشها منذ خمس سنوات.
وعن شراكتها مع الفنان أيمن زيدان كشاعر من خلال أغنياتها “الشهيد” و”احملني” و”أنا”، بيّنت بسيليس أن هذه الشراكة ناتجة عن الصداقة المتينة التي تربط عائلتها بهذا الفنان الكبير، وقد أخبرها أكثر من مرة أن صوتها يحرضه على الكتابة، مشيرة إلى أن أهم ما يميز كتابة زيدان هو تلك الحساسية العالية والصدق الكبير، وأن أي شارة مسلسل بالنسبة لها هي بمثابة أغنية تتعامل معها مثل أي أغنية لها فتشتغلها بشكل متقن، ولا تنكر أن شارات الأعمال الدرامية وسيلة ناجحة وسريعة لانتشار الأغنية، موضحة أن شارة أي عمل درامي شاركت به أُنجِزت خصيصاً لهذا العمل فتكون نابعة من روحه وموضوعه.
وعن خصوصية الأغاني التي تقدمها لمدينتها حلب تؤكد بسيليس أن هذه الأغنيات هي صرخة لحلب الجريحة التي تنزف دماً منذ فترة، متمنية أن يلتئم هذا الجرح وكل الجراح الموجودة في سورية.
وتختتم بسيليس كلامها بالتأكيد على أن شراكتها الزوجية مع الفنان سمير كويفاتي لا تختلف عن شراكتها الفنية، فمشاريعهما مشتركة وأحلامهما كذلك، وقد سهّل وجودهما معاً الكثير من الأمور، وفي الوقت نفسه تعترف بسيليس أن سمير كفنان يتعامل معها بمنتهى الجدية والصرامة.

إغناء المكتبة  الموسيقية
واتفق الموسيقي عدنان فتح الله -الذي سيقود الفرقة الوطنية للموسيقا في يوم الافتتاح- مع  ما قالته بسيليس عن أهمية مهرجان الموسيقا العربية، وقدرتنا على إقامته في ظل الظروف الصعبة الحالية، وهذا مهم بالنسبة لجميع الموسيقيين حيث يمدهم بمعنويات عالية وحماسة كبيرة للعمل، ونشر رسالتهم الموسيقية التي حرصوا على ألا تتوقف وتبقى مستمرة وبقوة، مشيراً إلى أن الفرقة الوطنية للموسيقا ومن خلال مشاركتها الثانية مع الفنانة ميادة بسيليس وسمير كويفاتي ما هو إلا دليل على نجاح هذه الشراكة، وذلك الانسجام بين الفرقة وهذا الثنائي السوري بامتياز، والذي أظهر هوية مميزة للأغنية السورية في كل الأغاني التي قدماها، فبسيليس وعبر مسيرتها الفنية الطويلة قدمت أغنية سورية باللهجة السورية، وساهمت عبر مسيرتها في إغناء المكتبة الغنائية السورية، وبذات الوقت فإن الفرقة الوطنية للموسيقا عملت وتعمل لنفس الهدف في سعيها لإغناء المكتبة السورية الموسيقية الآلية، من خلال تجارب إبداعية يقدمها موسيقيون شباب والعمل على توثيقها بهدف تطوير موسيقانا السورية والعربية وإمدادها بفكر وأنماط جديدة، وإغناء المكتبة الموسيقية لتكون مصدراً غنياً لتستفيد منها الأجيال القادمة، منوهاً إلى أن الفرقة في الحفل الذي ستشارك في إحيائه إلى جانب الفنانة بسيليس، ستقدم أغانٍ ضمن توزيع أوركسترالي، قام كل من الفنانين كمال سكيكر وإياد عثمان بالتدوين الأوركسترالي لها وبالنمط الذي عودت الفرقة جمهورها عليه، كما ستقدم الفرقة موسيقا آلية دون غناء حتى لا تبتعد عن سمة وشخصية الفرقة من خلال موسيقا حرائر لسمير كويفاتي، بالإضافة إلى ما اعتاد الجمهور على سماعه من قبل هذه الفرقة والتي تتميز بأنها تقدم موسيقا بتعددية لحنية وهارمونية، بعيداً عن تقديم الأغاني بطريقة تقليدية من خلال البناء الموسيقي للأغاني، فالموسيقيون فيها حريصون على تقديم الأغاني بطريقة خاصة، وبالتالي فإن مشاركة بسيليس مع الفرقة لم يجعلها تبتعد عن سمتها، شاكراً بسيليس التي منحت الفرقة ثقتها من خلال قبولها بإعادة التجربة معها.

نمط موسيقي سوري
وأعلن  فتح الله عن سعي الفرقة في الدورة القادمة على تقديم جميع الأنماط الموسيقية، والتركيز بالدرجة الأولى على الموسيقا الآلية الجديرة بالاحترام، والتي ترسم ملامح هوية الموسيقا الآلية السورية تأليفاً وتوزيعاً، والذي بات نمطاً معروفاً ينتشر خارج سورية ويصدَّر للعالم عبر قطع موسيقية تُعزَف في أوروبا، وأعمال تقدَّم في دور أوبرا منتشرة في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى الثقة الكبيرة التي بات يتمتع بها الموسيقي السوري، والدليل دعوة الأوركسترا الوطنية اللبنانية لفتح الله لقيادتها للمرة الثالثة، وهذا مؤشر على انتشار النمط الموسيقي السوري الذي أصبح مرغوباً ومطلوباً من قبل الآخرين.
وختم فتح الله حواره مع “البعث” بالتأكيد على أن الفرقة الوطنية للموسيقا خطت خطوات كبيرة في محاولاتها لرفع ذائقة الجمهور، خاصة وأن جمهورنا العربي عموماً ما كان يسمع إلا لحناً واحداً باستثناء المهتم، في حين أن الفرقة كسرت هذه القاعدة عبر ما تقدمه من أعمال سمتها التعددية اللحنية، أما ما يميز ميادة بسيليس كمطربة فأكد بأنها من الفنانات القليلات اللواتي يملكن شخصية بصوتها، وهي ملتصقة بذاكرة الناس في ظل التشابه الكبير بين الأصوات التي نسمعها، أما هي فلها شخصية بصوتها كوديع الصافي وصباح وفيروز، وقد حرصت دائماً على تقديم ما هو ملتزم منذ بداياتها ولديها ذكاء وخبرة في انتقاء الكلمة وصياغة اللحن، وتقديم ما يسمى بالسهل الممتنع الذي يعجز عن تقديمه كثيرون لأنه ملكة عند المؤلف الموسيقي والمطرب.
أمينة عباس