ثقافة

آلان مــراد: أقدّم ما هــو غيــر معـــروف مــن التــراث الســوري

بمقطوعات حديثة وأخرى من تراث الجزيرة السورية، وخصوصاً المنطقة الشمالية الشرقية، أحيا العازف آلان مراد أمسية موسيقية على آلة البزق ضمن فعاليات مهرجان العزف المنفرد في دار الأسد للثقافة والفنون بمرافقة الموسيقيّ سامر السمان “بيانو” وطلال غريب “إيقاع” حيث تألق مراد بتقديم مجموعة من المقطوعات الموسيقية السورية والشرقية، نذكر منها: “الانتظار” مقام كورد للموسيقي بلند إبراهيم “مقاطع جورجينا” من تراث الجزيرة السورية و”مزكين” مقام الحجاز للفنان هوزان سرحت ومقطوعة “مقدمة ميس الريم” للموسيقي زياد الرحباني ومقامات مختلفة من التراث الكردي، بينما أدى الموسيقي حسين إبراهيم في القسم الثاني من الحفل وبشكل إفرادي عدداً من الأعمال والمقامات، منها “سماعي نهوند” لجنوجن تانريكورو و”بيش در آمد أفشاري” لحسين علي زادة و”الفتاة الشيشانية” لجميل بيك الطنبوري و”سماعي هزام” لنفرس بيك .

التراث السوري
وبيَّن مراد في حواره مع “البعث” أن المقطوعات التراثية التي عزفها كانت عبارة عن توثيق لألحان تضرب جذورها في عمق التاريخ، محاولاً أن يضع أمام الموسيقيين الأكاديميين مادة خام للاستفادة من هذا التراث العريق وهو التراث الكردي السوري. ونوه إلى أنه في كل مشاركة يحاول تقديم ما هو جديد من التراث السوري الذي لا يتطرق إليه إلا نادراً مثل إيقاع “جورجينا”، وأشار إلى أهمية مشاركته في مهرجان العزف المنفرد الذي تميز من خلال دورته الحالية بفعالياته المتنوعة، كما أكد على أهمية المهرجانات بشكل عام المفيدة للعازف أو الموسيقي، حيث يتعرف من خلال مشاركته فيها على مدارس وأساليب مختلفة، موضحاً أن البزق آلة وترية من عائلة الطنبورة وتختلف عنها باعتبار الصدر أصغر حجماً وله فتحة على الصدر، وهي تمتاز بصوت أكثر حدة ونعومة في آن واحد، وتتألف من وترين مزدوجين (صول ودو) وهي آلة معروفة عند العديد من الشعوب، خاصة الشرقية، يعزف عليها كل المقامات،. وأوضح آلان أن العازف يبدع على هذه الآلة حين يصل إلى مرحلة يمتلك فيها القدرة على إيصال إحساسه للمتلقي، ويمتلك معرفة بالثقافات الموسيقية الأخرى، ويكون قادراً على عزفها دون أن يكون متقيداً بقالب واحد أو نوع واحد من الموسيقى.

أمير البزق
ويعتَبَر أمير البزق الراحل محمد عبد الكريم -كما أشار آلان- من أبرز عازفي هذه الآلة في بداية الستينيات، واستطاع بما لديه من معرفة موسيقية واسعة وتكنيك عالٍ في العزف على هذه الآلة، أن يبدع عليها كغيره من الموسيقيين العرب في تلك الحقبة، وكان أول من أدخل هذه الآلة إلى المنطقة الوسطى لسورية ولحَّن من خلالها للعديد من الفنانين المعروفين وهم ينتمون إلى الحقبة الذهبية للموسيقى العربية.
وعلى الرغم من أن آلة البزق أُدخِلت إلى وسط سورية عن طريق محمد عبد الكريم، إلا أن آلة الطنبور كما أشار آلان وهي أم لآلة البزق، كانت موجودة بشكل واسع في الجزيرة السورية منذ آلاف السنين، وهي آلة مطاوعة تستطيع أداء أنواع وأشكال مختلفة من الأساليب الموسيقية، ويمكن إعطاءها دوراً أكبر مما هي عليه اليوم إن أراد مؤلفونا وعازفونا بذل الجهود في هذا المجال، معبِّراً آلان عن سعادته بالإقبال على تعلم العزف على هذه الآلة في أغلب معاهدنا الموسيقية، ولاسيما بعد الدورة الخامسة لآلة البزق، بالإضافة إلى إقامة أكثر من أمسية لهذه الآلة في دار الأوبرا، متفائلاً بأنها ستلقى إقبالاً أكبر في مقبلات الأيام.

في كل البيوت
وكأغلب عازفي البزق في الجزيرة السورية، وعلى اعتبار أن هذه الآلة موجودة في كل البيوت فتح آلان عينيه ليجدها أمامه، خاصة وأن عمه كان عازفاً على هذه الآلة فتعلم منه مبادئ العزف قبل أن يتعلمها في بعض المعاهد الخاصة، لينتقل بعد ذلك إلى معهد صلحي الوادي، حيث درس الآلة على يد الأستاذين محمد عثمان وسامر ايبو، مؤكداً أنه اجتهد على نفسه كثيراً ليتميز من خلالها، وهو اليوم يستعد ليكون في العام المقبل في المعهد العالي للموسيقى، إلى جانب دراسته في كلية الآداب-قسم اللغة الإنكليزية، وأشار إلى مشاركته في الأوركسترا السورية للموسيقى الشرقية بقيادة المايسترو نزيه أسعد، وقاد العديد من الأمسيات الموسيقية على مسارح دمشق كالحمراء والقباني.
أمينة عباس