المؤتمر السنوي الثاني لاتحاد الكتاب العرب يؤكد على تعزيز دور الثقافة الوطنية د. المفتاح: العدوان الإرهابي التكفيري يستهدف منظومتنا الثقافية والحضارية
يستنزف أصحاب الأقلام حبرهم كرمى لقضيتهم، ولكي تبقى كلماتهم أيقونة تهتدي بها الأجيال، وعلى اعتبار أن الثقافة هي رافعة لنهوض الشعوب رفع اتحاد الكتاب العرب شعار”نحو ثقافة تبني الإنسان والوطن” في مؤتمره السنوي الثاني لدورته التاسعة الذي أقيم في الأمس برعاية الرفيق المهندس هلال الهلال الأمين القطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق. وقد تم استعراض ما حققته مكاتب الاتحاد خلال السنة الماضية والاتفاقيات والمذكرات التي وقعت مع عدد من المؤسسات ودوره في بناء الثقافة الفكرية الوطنية.
إرادة التحدي
وقال د.خلف المفتاح عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام في كلمته خلال افتتاح المؤتمر: ينعقد مؤتمركم السنوي وسورية تواجه عدواناً غير مسبوق سخرت له قوى الإرهاب في كل أًصقاع العالم ومولته قوى كبرى، إلا أن إرادة الشعب السوري معبراً عنها بإرادة قائد الوطن وإرادة التحدي للجيش السوري استطاعت المواجهة ومصارعة الأعداء وهزيمتهم في كل الساحات وحتى في ساحات المواجهة الفكرية والثقافية، ولفت أن هذا العدوان لا يستهدف نظامنا السياسي فقط بل يستهدف المنظومة الثقافية والحضارية والأخلاقية التي تربينا عليها ومحاولة سرقة تاريخنا وهوية حضارتنا والسعي لتوظيف ثقافة ومنظومة أخلاقية لا تشبهنا وأن صمودنا وتصدينا لهذه الحرب ما كان ليكون لولا امتلاكنا لإرادة التحدي.
العديد من المهام
ونوه الرفيق المفتاح إلى أنه أمام المؤتمر العديد من المهام والتحديات، ونحن على ثقة بأنه سيكون مؤتمراً نوعياً يغني المكتب التنفيذي بالأفكار الجديدة وصيغ العمل المتطورة التي تنصب على الخطط السنوية للاتحاد وجعلها أكثر فائدة وحيوية وإخراجها من الدائرة النمطية إلى الفعل الخلاق، وذكر أن لكل مرحلة تاريخها وتحدياتها وأولوياتها والتحدي الأساسي الذي يواجه وطننا وأمتنا يتمثل اليوم في الفكر التكفيري الإرهابي وحرب الهويات، ما يستلزم أن يكون هذان التحديان عنواناً أساسياً في خطط الاتحاد دون إهمال باقي العناوين.
الثقافة والرقي الفكري
وفي كلمته أشار معاون وزير الثقافة توفيق الإمام إلى أن الثقافة هي عصب الأمة وخطوتها الأولى نحو التقدم والنهضة، وتعتبر بمثابة مقياس لمدى الرقي الفكري للأفراد حيث لا تستقيم الحياة الاجتماعية ولا يكتمل الحديث عن عناصرها بمعزل عن الثقافة، فهي أهم عوامل التنمية البشرية وتسهم إيجاباً في توجيه أفكار الأفراد والشعوب وتقودهم نحو التميز، مؤكداً أنها أداة فعالة لصقل المواهب البشرية ونشر الوعي وتحليل كل الأساليب العلمية لتطوير العلم وتغذيته والتزود بالمطالعة ومتابعة كل ما يجري ولتكوين ثراء فكرياً نابعاً من واقعنا وحياتنا. لافتاً إلى أهمية التعاون الذي تطور عام 2016 بين اتحاد الكتاب ووزارة الثقافة بهدف توحيد القوى لمواجهة التيارات التخريبية وما تبثه من أفكار.
حصاد العام
من جانبه تحدث د.نضال الصالح رئيس اتحاد الكتاب العرب في كلمته عن حصاد السنة الفائتة بالقول: حصاد سنة، وأي سنة، فهي سنة مرهقة بالدم والموت والدمار وبالنزيف الذي بدأ سعاره ضد سورية والسوريين منذ نحو ست سنوات، وكذلك هي سنة مزدهرة بالانتصار في غير مكان، من جغرافية الوطن، لرجال آمنوا بالوطن ونساء تفوقن على جدتهن الخنساء في الصبر على الشدائد وقبل ذلك قائد استثنائي في زمن استثنائي، هو حصاد أبهى وأغلى بعد أن تعاند الدم والموت والدمار واستطال الزرع بأعناقه جهة الضوء، توقاً إلى الحياة، وإيماناً بقيامة الضوء وانتصار الحياة، وهو حصاد فيه ثقة بما تزرع، وإيمان بانتصار الخصب على الجدب، والنور على الظلمة مهما توغل الموت.
شعار المؤتمر
وتابع الصالح: سنبقى نؤمن بأن شرف المحاولة هو شرف الانتماء إلى وطن ومن أجل وطن، ولذلك اخترنا شعاراً لمؤتمرنا السنوي هذا “نحو ثقافة تبني الإنسان والوطن” وكذلك اخترنا أن يكون هذا العام هو “عام العمل الثقافي” على الرغم من أننا أنجزنا في العام الفائت غير نشاط ثقافي مركزي كان له صداه، خارج سورية وداخلها، موضحاً أنه في السنة التي مضت اخترنا الاستمرار مهما اشتدت العاتيات من أعداء الحق والحقيقة ومهما تغول حولنا وعلينا من الجهالة والتضليل والافتراء.
شراكة حقيقية
وتابع الصالح :أنه في السنة التي مضت كنا في مجلس التنفيذ أسرة بالمعنى الدقيق للكلمة فلم يتم اتخاذ أي قرار إلا بالإجماع عليه وبعد حوار مستفيض، وحرصنا على تمكين مجلس الاتحاد ليكون مرجعاً تنظيمياً حقيقياً، كما تم في العام الماضي أول شراكة حقيقية مع وزارة الثقافة بمبادرة مشكورة من السيد الوزير، كما اسمعنا صوتي سورية واتحاد كتابها في اجتماعات الأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب خارج سورية، وقاومنا محاولات إقصائه وحققنا عدة نجاحات، كما شرفنا قائد الوطن باختيار اتحادنا لغير مهمة ومضينا إليها مفعمين بإرادة النجاح.
سورية المستقبلية
وعلى هامش المؤتمر كان لنا وقفة مع مجموعة من أعضاء الاتحاد عبروا خلالها عن آرائهم ووجهات نظرهم لخطة الاتحاد الجديدة، وما هو المأمول من المؤتمر، حيث حدثنا د.الأرقم الزعبي قائلاً:
التقارير المقدمة على جدول الأعمال هي تقييم ما نفذ وما لم ينفذ في الخطة الثقافية والاجتماعية والمالية وخطة العلاقات الخارجية، وتركز خطة الاتحاد لعام 2017 على العمل الأساسي لموضوع الثقافة كفعل تراكمي ضمن خطة ثقافية لها مصفوفة أهداف ووسائل لتحقيقها، وأدوات رافعة تتعلق بعمل الفروع، وقد تم وضع الخطة الثقافية بالتعاون مع الفروع، وأهم المواضيع هي سورية المستقبلية والتركيز على المشترك وتوسيعه، وعلى المختلف والعمل على إلغائه بالإضافة إلى موضوع الوحدة الوطنية وأن سورية بيت يتسع للجميع تتسع دون تزاحم أو تداخل.
دور نشل
ويرى رئيس فرع الاتحاد بدمشق محمد الحوراني أن أهمية المؤتمر تكمن في النهوض بحالة المثقف والمبدع السوري، لأن هناك مشكلة حقيقية ما بين بعض الأعضاء ومؤسساتهم، لذلك من الضرورة إعادة الثقة بينهما، والعمل على رفع سوية ما يقدم لهذا العضو من قيمة مادية ومعنوية، والتكفل بنشر نتاجه من خلال كتبه فمن المعيب في هذه الظروف التي يعيشها البلد أن يتحول الأديب أو المثقف إلى متسول على دور النشر، والمعروف أنها دور نشل وليست نشر، فهي تستنفذ الكاتب وتأخذ كل حقوقه ولا تعطيه شيئاً، والاتحاد كمؤسسة تُعنى بالإبداع يجب عليه تبني هذه المسألة، وتبني المواهب الشابة بكل طاقاتها، وإذا لم تستطع هذه المؤسسة استخدام واستثمار هذه المواهب سيلجأون للآخرين من أجل استثمارها وتتحول بشكل أو بآخر إلى عمل عدواني ضد البلد.
ضمير البلد
أما الأولويات التي على الاتحاد الاهتمام بها من وجهة نظر د.حسام الدين خضور أن نكون كأعضاء اتحاد كتاب العرب عقل وضمير البلد وعين المواطن، وأن نرى الصورة شاملة وكاملة وتسليط الضوء على مناطق الخلل والضعف في مجتمعنا، والتأكيد على إعادة اللحمة الوطنية في مجتمعنا حيث أن الإرهاب استطاع إيجاد ثغرات نفذ بها إلى بنياننا المجتمعي، لذلك مسؤوليتنا تعزيز الانتصارات التي حققها جيشنا الباسل، بالعمل على إعادة بناء البنى التحتية التي هدمها العدوان.
ثقافة الانتماء
ولعل شعار المؤتمر يختصر ما يطمح إليه كل كاتب وأديب في سورية نحو ثقافة تبني الوطن والإنسان فيقول د.نزار بني المرجة:
نأمل أن يتم تكريس ثقافة الانتماء في إبداعات الكتاب والأدباء من كل الأجناس الأدبية، وتعزيز ثقافة المقاومة، وهو مطلب كل فرد من أفراد هذا الوطن، لأنه يشكل الضمانة لاستمرار الصمود في وجه التحديات الكبيرة، الذي لا يمكن أن يستمر إلا بثقافة الانتماء والكلمة والموقف، لتتمازج مع دماء الشهداء وترابه الطاهر، لنا كبير الأمل بأن يجسد كبار أدبائنا في عطاءاتهم وإبداعاتهم هذه المفاهيم لتكون صورة وترجمة حقيقية للصمود الوطني الرائع الذي أبداه كل فرد من أفراد شعبنا المناضل في مواجهة هذا العدوان الذي يستهدف وما يزال هويتنا وثقافتنا، أملنا معقود بحمل هذه الرسالة.
الدور المقاوم
بدوره يقول د.عبد الله الشاهر: على الاتحاد أن ينشط داخل القطر وخارجه، وإبراز الدور المقاوم والمناضل لسورية التي تم التآمر عليها من قبل الإرهاب بكل أبعاده، وأن يكون مقاوماً أدباً وسلوكاً، وواجب الأدباء توثيق ما جرى بفكر إبداعي.
حبر على ورق
وتمنت الأديبة نجاح إبراهيم أن يكون هذا المؤتمر مغايراً فتقول: للأسف ما يستجد من أمور يكتب على الورق فقط دون أن يُعمل به، أتمنى أن يقف الاتحاد دائماً إلى جانب المبدع لأنه بحاجة إلى من يسانده ويقدم له الكثير من الضوء، بالإضافة إلى وضع خطوات جدية وليس حبر على ورق.
التنوير
وترى د. نورا أرسيان عضو مجلس الشعب أن أهمية المؤتمر بوضع النقاط على الحروف فتقول: الاتحاد بدورته الحالية مختلف عن السابق لأننا كشفنا الآخر بأنه يرفض كل الأعمال التنويرية، والجهود التي تصب في المستقبل التنويري، وأقر الاتحاد شعاره “ثقافة التنوير” ليبعث برسالة إلى الخارج الغربي والعربي لإبراز دور الكلمة المناضلة والمقاومة.
دور مجلس الاتحاد
وكان د. المفتاح قد التقى أول أمس مجلس اتحاد الكتاب وأكد على دور المجالس في إطار عمل الاتحاد كمنظمة، فهو يمثل شكلاً من أشكال الرقابة على أعمال المكتب التنفيذي، لذلك لا بد من تفعيل هذا الجانب لتقييم وتصويب العمل، لأن عمل الاتحاد له طابع منهجي فهو منظم ومخطط وطموح، وتساءل المفتاح: هل يمكن أن نتعامل مع خطة 2017 تعاملاً وظيفياً، بمعنى إيصال الخطة إلى الفروع ثم تنفيذها بشكل نمطي؟ أم أنها تحتاج لتعامل إبداعي؟ ومن وجهة نظره أنه يجب التعامل بطريقة إبداعية بعيداً عما هو سائد.
جمان بركات- لوردا فوزي