ثقافة

وهذه الأمراض.. كيف نعالجها!؟

أكرم شريم

توجد في هذا العالم، وكما نعلم جميعاً، أمراض نفسية وعقلية وجسمية. وأنا أضيف هنا، وأحتكم لكل المختصين والمعنيين في ذلك، أنه توجد أيضاً أمراض أخلاقية!. قد يقول قائل: إن الأمراض الأخلاقية يمكن أن يعالجها الطبيب النفسي، وأقول: إن من يعانون من الأمراض الأخلاقية لا يعتبرون أنفسهم من المرضى أصلاً، ولا يثقون بأحد للنظر بأمرهم، لا بالطبيب ولا القاضي ولا حتى بأقرب المقربين إليهم، وأفضل مثال على ذلك شذوذ المثليين، مهما تحدثوا معهم ليذهبوا إلى الطبيب النفسي فإنهم لا يذهبون، وإلى ذلك ماذا يمكن أن يفعل لهم أي طبيب أو قريب إذا كانوا مقتنعين بما يفعلون، أو (مدفوعين) ومقتنعين في الوقت نفسه!.
ولنأخذ مثالاً أعداء النجاح، فهم يكرهون، وبكل قناعة وعن صدق كل ما ينجح في حياتنا من المنجزات أو المشاريع أو الأشخاص، أو الآداب والفنون، أو حتى أي نوع من التجارة أو الصناعة أو الزراعة!. لا تقل لي هذه مبالغة ولا يوجد مثل هؤلاء. فقد قلت وأكرر: إنني احتكم للأخصائيين والمعنيين بذلك. فهذا الإنسان يتضايق نفسياً أولاً كلما رأى أمراً أو شخصاً أو فئة ناجحة، أو حاز وحازت أو صار وصارت محبوبة. وهذا الضيق الذي يشعر به يزداد عنده باستمرار ويبدأ يشكل له المدافع ليشتم أو لربما ليعتدي أيضاً!. ومن هنا نشأت مختلف الظواهر العدائية!.
والأكثر من ذلك بل والأخطر أن هذا المريض الأخلاقي قد يدفع المال لكي يُلحق الضرر بغيره، وأضرب مثالاً قديماً وآخر حديثاً فأيام زمان كان في الأسواق القديمة أشخاص معروفون مهمتهم الضرب والاعتداء وأحياناً القتل أيضاً، وهم يفعلون ما يؤمرون به وليس هؤلاء هم وحدهم المرضى أخلاقياً، بل من يدفع لهم ويوجههم أيضاً، وقلما كنت تجد سوقاً كبيراً أو صغيراً خالياً من هؤلاء!. ومنهم من كان يعمل حكيماً، ويخطط ويتقاضى أجرة، وهم ينفذون له، كمثال أن يأتي بالشخص الذي يكرهونه، فيتهمونه ويشهدون عليه ويدخل المخفر. وكانت هناك عادة في المخافر تخلصنا منها بحمده تعالى: وهي أن ينزلوا بهذا المتهم ضرباً وبكل قسوة وعلى كل أعضاء جسمه، ولساعات وربما لأيام!.
ومن هؤلاء الحكماء أيام زمان: الحكيمة: وهي تصف وصفة لكي تضعها المرأة لزوجها في الطعام أو الشراب فيصبح مطيعاً ويسلمها هي وأمها كل شؤون أعماله وأمواله!.
ومن الأمراض الأخلاقية أيضاً، الشتم والإساءة لكل شيء أو شخص محترم مثل الحقد على مفهوم الأسرة ومسؤولية الأب والزوج، كأن نسمع (تنتقل المرأة من تبعية الأب إلى تبعية الزوج) فهل تريد أن نلغي خلق الله الطبيعي ونترك المرأة بلا حرص ولا حب ولا من الأب ولا من الزوج بعده، ونتركهن كما نراهن في الغرب يحملن ويرمين الأبناء هنا وهناك ولا يجدن دفء الحب والحرص، وكما أراد الله، عند أحد؟! وهكذا تكون النصيحة اليوم حاول أن تساعد هذا المريض الأخلاقي وأن تبقى معه أولاً لكي تحذّر الآخرين منه، وثانياً لكي تساعده وتمنحه ما تستطيع مما يحتاج وتتحدث عنه وحوله لمساعدته وذلك لمصلحة أولاده في المستقبل، ومجتمعك الذي فيه أولادك ومستقبلهم أيضاً، لكي يصبح معروفاً من الجميع حوله ويصبح موضع حذر الجميع منه أو يتحسن ويتغير، ومهما كلفنا هذا الأمر من جهد ومال وطلب مساعدة من الآخرين!. وأما المثل الحديث والأخطر للمرضى الأخلاقيين فهم أعداؤنا وأعداء الشعوب وما يخططون وينفذون من قتل وتهجير واحتلال، مبعدين أنفسهم عن التهمة باستمرار، وكأن الشعوب لا تعرفهم منذ بداية تاريخهم وحتى اليوم!. وهؤلاء لا ينفع معهم على الإطلاق سوى تحرير الأمم المتحدة والدول الكبرى من تأثيراتهم لاغير!.