المعاول المنتجة
يتكئ عيد الفلاحين الـ(54) على الكثير من القضايا التي تحتاج إلى حلول جذرية وفاعلة في حياة الفلاح الذي يتطلّع إلى الأيام القادمة من بوابة الاستجابة لمطالبه، والتي تحتاج إلى عمل جماعي وتنسيق بين الاتحاد العام للفلاحين ووزارة الزراعة وجهات أخرى لها علاقة بالعملية الزراعية وتسويق المنتجات داخلياً وخارجياً، خاصة وأنه خلال السنوات الماضية كانت هناك ثغرة واضحة في هذا المجال، والغريب أن راسم الخطط الزراعية تجاهل أو لنقل إنه لم يفطن لذلك، وبقيت الحلقة المفقودة مصدراً للمنغصات والهموم التي وأدت آمال الفلاح وأحلامه تحت أنقاض الوعود المتراكمة في الأدراج، وطبعاً هذا الكلام بما يتضمنه من مصداقية الوصف يمثّل عين الحقيقة التي لن تُغطى بغربال التصريحات الإعلامية المتتالية!.
ولاشك أن الموضوعية وواقع حال الفلاح والزراعة بشكل عام تقتضي البدء بمرحلة جديدة من العمل، خاصة وأن الشواهد الحيّة تتوالى على ذلك النزيف الزراعي الدائم بندوبه المختلفة وتداعياته الاقتصادية وخسائره، سواء في ملف التصنيع الزراعي أو فيما يخصّ الإنتاج والتسويق وغيرها من القضايا الزراعية (الحمضيات والأقطان والأقماح والشوندر والأبقار المستوردة)، والتي أبقت الفلاح وراء قضبان القروض والخسائر المتلاحقة وبشكل استُنزفت معه مصادر رزقه وتمويله. ويعود السبب في ذلك إلى عدم تبني سياسة تسويقية ناجحة يمكن أن تساهم في إنقاذ تعب الفلاح من الضياع بحيث يجني في نهاية موسمه ما يغنيه عن الحاجة والعوز ويكفيه ليبقى متمسكاً بأرضه منتجاً لمقومات الصمود.
إن الواقع المعيشي للفلاح وغيره من شرائح المجتمع يفرض حالة من الاستنفار والعمل الاستثنائي على الجبهة الزراعية، بحيث تحشد كامل الطاقات في مسار مضاعفة الإنتاج بشتى الطرق والوسائل المدرجة ضمن إستراتيجية عمل تضمن التسويق للمنتجات الزراعية ووضعها موضع التنفيذ كإستراتيجية عمل إنتاجي جماعي قادر على زجّ الجميع في معركة الإنتاج الزراعي وتجاوز التحديات بمختلف أشكالها ضمن نهج الاقتصاد الزراعي، يمكن من خلاله استثمار كل شبر من الأرض ليكون من مولدات الإنتاج التي تضيف لبنة جديدة إلى مقومات الإعمار، كما أن “ضعف الحلقات التسويقية المختلفة، وعدم وجود مؤسسات وشركات تسويقية رائدة” حال دون تحقيق عائدات اقتصادية مجزية للفلاح الذي تلاحقه الديون والخسائر، هذا عدا عن المخاطر المرتبطة بالتغييرات المناخية في ظل غياب التأمين الزراعي!.
وفي عيدهم لابد من القول والتأكيد على أن المجتمع الفلاحي لم يدخر جهداً أو قطرة عرق في سبيل بلده، ولم يقصّر في تحقيق إنتاجية زراعية كانت وما زالت واحدة من أهم مقومات الانتصار، لذلك هم بحاجة اليوم مع كلمات المواساة إلى مدّ يد العون لهم عبر سلسلة من الإجراءات التنفيذية التي تحقّق دعماً حقيقياً وفعلياً للفلاح يشمل كامل الدورة الزراعية.
بشير فرزان