اقتصادصحيفة البعث

عليكم بالرؤوس لا بالذيول..!

لم يتحرر الرواق الحكومي بعد من أولئك الذين يصولون ويجولون لاقتناص فرصة استثمارية مشبوهة هنا، أو الدخول بصفقة موتورة هناك..!.

فما زالت أغلب المؤسسات الحكومية تعج بأتباع وأعوان من يعرفون كيف يصطادون ضعاف النفوس ويجندونهم لصالح تسيير أعمالهم..!.

ويترافق ما سبق مع طابور السماسرة المتصدي لفتح المسارات أمام أية معاملة متعثرة بغض النظر عن أسباب التعثر، لما لا.. ومفاتيح هذه المسارات بحوزتهم..!.

ويتمخّض عن هذا المشهد القاتم حصر المطارح الاستثمارية الدسمة بفئة بعينها دون غيرها، وسيادة الاقتصاد الخدمي الريعي على حساب نظيره الإنتاجي الحقيقي، وزيادة قيم التهرب الضريبي، واتساع دائرة المهربات على مساحة الجغرافيا السورية، ووضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب.. والقائمة تطول في هذا المقام..!.

والنتيجة بالمحصلة ضياع واردات فلكية على الخزينة العامة للدولة، وانعكاس ذلك سلباً على شرائح المجتمع، وتحديداً لجهة تدني مستوى الخدمات المقدمة لها، ولاسيما تلك المدعومة، وكذلك انحسار الطبقة المتوسطة واتساع الأخرى الفقيرة، ناهيكم عن تركز الثروة بأيدي ثلة من الأثرياء الجدد، خاصة ما اصطلح عليهم بـ”أمراء الحروب”..!.

للأسف لم نلحظ أي جدوى لأي إجراء حكومي يرمي لإحداث فارق بهذا المشهد، والسبب باعتقادنا التركيز على ملاحقة المفاصل التنفيذية المتورطة من المستوى الثاني والثالث دون محاسبة تلك المنضوية تحت المستوى الأول..!.

كثيراً ما سمعنا تصريحات رسمية حول فتح ملفات فساد لكبار المتورطين مسبوقة بـ”قريباً”، إلا أن صداها كان يرتد على “الصغار”، فيزداد فساد الفئة الأولى التي سرعان ما تجتهد للبحث عن بديل للثانية..!.

لقد وصلنا لمرحلة باتت تستدعي ليس فتح ملفات من هذا القبيل فحسب، بل تعليق المشانق لكل متورط يتاجر بقوت الشعب وخدماته، خاصة في ظل التضخم الضاغط على القوة الشرائية المتآكلة نتيجة هذا التضخم من جهة، ونتيجة انحراف انسياب الموارد المالية عن الخزينة العامة إلى جيوب هؤلاء المنتفعين من جهة ثانية..!.

نجزم بأن قطع رؤوس كبار الفاسدين وليس ذيولهم، أجدى من البحث عن موارد جديدة لإنعاش الخزينة، كون هذا الإجراء كفيلاً بعودة إيرادات ليست بالقليلة، وبالتالي زيادة الرواتب والأجور الذي يشكّل حالياً مطلباً حيوياً أضحى يضغط على الحكومة نتيجة ارتفاع الأسعار الذي لا يمكن تبرئة الفساد منه..!.

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com