تحديـــات أمــام الدول العربـيــــة للاســـتفادة مـــــن الاندمــــاج فـــي التجــــارة العالميــــة
بعد مرور ما يزيد على العقدين على دخول الكثير من دول جنوب وشرق المتوسط في منظمة التجارة العالمية، تبدو البلدان العربية أكثر اندماجاً في الاقتصاد العالمي، لكن لا تزال أمام تلك البلدان تحديات بشأن مواجهة المنافسة العالمية، ويؤكد بعض خبراء الاقتصاد أن العجز التجاري في لبنان وصلت قيمته في 2016 إلى 15.9 مليار دولار، وهو ما يساوي أكثر من ثلث الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ويعزي هذا العجز الضخم إلى عدم تركيز البلاد على أنشطة اقتصادية عالية القيمة المضافة. وقد ركزت السياسات الاقتصادية للبنان على النشاط التجاري، ولم تضع على مدار تاريخها الحديث سياسة للتصنيع، وهو ما يجعل كفة المبادلات التجارية لصالح الخارج. ويلخص خبراء الاقتصاد إلى أن الفلسفة الاقتصادية للبنان تقوم على أن «لبنان لا ينتج ما يستهلكه، ويمول استهلاكه من خلال جذب الرساميل والديون»؛ لذا تهتم البلاد بتقديم الإعفاءات الضريبية للقطاع المصرفي والعقاري لجذب رؤوس الأموال عبر تلك القطاعات فـ«70% من الاستثمار الأجنبي المباشر تمثل في استحواذات لمغتربين على عقارات».
في المقابل تبنت بلدان عربية، مثل تونس خطة جادة للتصنيع خلال الفترة من 1960 إلى 1969، ثم اتجهت للانفتاح التجاري، ورغم قوة القطاع التصديري في تونس في الوقت الراهن الذي استفاد من القاعدة الاقتصادية القائمة في البلاد، لكن بعض الخبراء انتقدوا الامتيازات الضريبية التي تمنحها البلاد للشركات الأجنبية، ويسمح النظام القائم لهذه الشركات بالتصدير دون إرجاع الدخول الأجنبية للبلاد؛ مما يحرم تونس من الاستفادة من النقد الأجنبي الناتج من هذا النشاط.
ويشير الخبراء إلى أن العجز التجاري في المغرب كان في مسار الارتفاع خلال السنوات الأخيرة، ووصل إلى ما يساوي 18% من الناتج المحلي الإجمالي في 2017؛ مما يعكس حاجة البلاد إلى السيطرة على وارداتها المتفاقمة. وأشار الخبراء إلى الدعم الضخم الذي يخصصه الاتحاد الأوروبي للقطاع الزراعي وتأثيره على البلدان العربية المنفتحة تجارياً على هذا التكتل الاقتصادي. فبين عامي 2014 و2020 خصص الاتحاد الأوروبي 95مليار يورو (107.6 مليارات دولار) لدعم السياسة الزراعية المشتركة، وهذا المبلغ يمثل نحو 40% من ميزانية الاتحاد الأوروبي.