“تحية إلى تدمر” تنقل “عروس البادية” فكرياً إلى كل جزء من سورية
تدمر التي تسكن القلوب والذاكرة لن يهزمها أي معتد وستبقى أعمدتها منصوبة في عمق الزمان، وستصرخ معابدها في وجه الظلاميين بأن تدمر لن تدمّر، فهي باقية في كل جزء من التاريخ ونراها في كل شبر على امتداد سورية النابضة بالحضارة فهي تستحق الخلود. من هنا كانت فعالية “تحية إلى تدمر” التي أقامتها وزارة الثقافة بالتعاون مع رواق العرفي في حديقة المتحف الوطني بدمشق، والتي ابتدأت برنامجها بجولة تعريفية قام بها فريق “سورية بلدي” التطوعي لحوالي 100 طفل ويافع من طلاب مركز أدهم إسماعيل مع الشرح اللازم لكل أثر من الآثار، وانتهت الجولة عند واجهة قصر الحير الغربي حيث قام الطلاب برسم لوحات فنية حول مشاهداتهم للآثار، كما تم توزيع هدايا للمشاركين من إصدارات الهيئة العامة السورية للكتاب. وأوضح معاون وزير الثقافة بسام أبو غنام أن هذه الفعالية تعرف الأطفال بتراث بلدهم الغني، وتعرف العالم أجمع أن تراثنا موجود ونحن نعتز به ويحافظ عليه حتى أطفالنا ويفخرون به، فسورية ستبقى بلد الحضارة والمحبة والسلام، مضيفاً أن الوزارة تدعم التراث بكل الوسائل الممكنة فمن لا تراث له لا مستقبل له ونحن نتحدى العالم من خلال تراثنا وثقافتنا، وسنثبت للعالم أننا موجودين ومستمرين بالحياة وبتقديم الثقافة.
هوية ثقافية
ولفت حسين حيدر العرفي مؤسس الرواق العرفي للثقافة والتراث إلى أن فريق “سورية بلدي” التطوعي وهو جزء من الرواق، أقام هذه الفعالية بتوجيه من وزير الثقافة لدعم صمود جيشنا العربي السوري بعمل ثقاف نؤكد من خلاله حفاظنا على هويتنا الثقافية خصوصاً لدى الأطفال، فنحن اليوم نعيش حرباً ثقافية توازي الحرب العسكرية، موضحاً أن الهدف هو توجيه رسالة عالمية لدعم الإرث الحضاري، ولصمود سورية وآثارها منوهاً إلى أننا لا نقف على الأطلال، بل ننقل الثقافة للأطفال ونعزز انتماءهم ليعرفوا أهمية الآثار والتراث، خصوصاُ أنه من الصعب في الظروف الراهنة أخذ الطفل إلى تدمر، لكن من الممكن أن نحضره إلى المتحف الوطني كما فعلنا اليوم مع أطفال مركز أدهم إسماعيل فهم كما لو أنهم في جولة حقيقية في تدمر ومعهم متطوعين يشرحون لهم قيمة كل أثر وتاريخه، وعندما تنتهي الجولة عند واجهة قصر الحير الغربي يرسم الطفل بعدها ما تلقاه في جولته وما لفت انتباه.
رسالة للعالم
وأشار قصي العبد الله الأسعد مدير مركز أدهم إسماعيل إلى أنه انطلاقاً من الأهداف الوطنية لأعمال الوزارة، والتي تتجسد برعاية التراث بشقيه المادي واللامادي ورعاية الإبداع ودعمه أقيمت فعالية “تحية إلى تدمر” من خلال التشبيك بين فريق شباب “سورية بلدي” التطوعي في رواق العرفي ومجموعة طلبة المركز من أطفال ويافعين الذين حضروا إلى حديقة المتحف الوطني للمشاركة في الفعالية، منوهاً أن هذه المشاركة تحقق مجموعة أهداف منها خروج الطلاب من إطار الزمان والمكان، والرسم في الهواء الطلق في حديقة المتحف لما فيها من رموز تاريخية وارتباط بالطبيعة، حيث في نهاية الجولة سينفّذ الطلبة أعمالاً فنية وتشكيلية يعبر فيها كل طفل عن محبته لتدمر المدينة الأثرية الهامة، مؤكداً أن هذه الفعالية هي رسالة للعالم أجمع بأننا متمسكون بكل ذرة تراب في سورية.
صورة مشرقة
كما أشار ثائر مراد عضو في حملة “سورية بلدي” التطوعي أن الثقافة والتراث السوري مزروع في قلوبنا وليس مرتبط بمكان معين، وعلى الرغم من صعوبة الوصول إلى بعض المناطق الأثرية إلا أننا سننقله لأطفالنا وللأجيال القادمة، مشيراً إلى أن هذه الفعالية جزء من عدة فعاليات نقوم بها باستمرار ونختار شرائح مختلفة من الأطفال بتطوع شباب سوري محب، يعمل ضمن الإمكانيات وتحت رعاية جهات معنية فنحن ننقل ثقافة وتراث وحياة ونقوم بعمل إضاءات على بعض المواضيع، كما نحاول أن نزرع الأمل مع التركيز على الطفولة ليتعرفوا على الأشياء الثقافية والتراثية، والوقوف في وجه محاولات تشويهها وتغييبها، لافتاً إلى أن الفريق منفتح على كل الجهات، ويقوم بالتعاون مع مختلف الوزارات من أجل إعطاء صورة جميلة ومشرقة عن بلدنا سورية.
زيارة حقيقية
في نهاية الجولة وعند واجهة قصر الحير الغربي تجمّع الأطفال وبدؤا يرسمون ويعبرون عن حبهم لتدمر كالطفلة سالي الصواف التي رسمت أعمدة من آثار تدمر لأنها كما تقول مدينة أثرية قديمة، كذلك الطفل جود عبد الكريم رسم تدمر لأنها أقدم مدينة في التاريخ وتصل بين مواقع أثرية، وبين الغرب والشرق. ويعرف الطفل جود الإرهابيين بأنهم يشوهون تدمر لذلك يجب المحافظة على آثارنا من الخراب، أما الطفلة لونا فقش التي جلست قبالة قصر الحير الغربي فرسمت بابه بطريقة بسيطة وجميلة وهي سعيدة بمشاركتها وتشعر كأنها تزور تدمر فعلاً.
لوردا فوزي