ثقافةصحيفة البعث

حنان إبراهيم توثق مفردات التراث الفلسطيني وتؤكد على حق العودة

ملده شويكاني

كما قال محمود درويش “ليس لنا في الحنين يد  وفي البعد كان لنا ألف يد”، استمدّت الفنانة التشكيلية حنان محمد إبراهيم من مشاعر الحنين والشوق واللهفة عنوان معرضها الفردي “حنين النايات”، والذي أُقيم بالتعاون ما بين اتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين ووزارة الثقافة في المركز الثقافي العربي في أبو رمانة.

الثوب الفلسطيني 

وعلى وقع أنغام آلة “القربة” الموسيقية الشعبية المنتشرة في فلسطين والتي تشبه الناي، كان حضور المرأة الفلسطينية طاغياً وارتبط برمزية أرض فلسطين وبيوتها وبالمسجد الأقصى وبمفردات التراث، ابتداء من الجرار إلى طبق القش إلى الثوب الفلسطيني الملمح الأبرز في التراث الفلسطيني بكلّ ألوانه الأحمر والبرتقالي والبني ورسوماته المستمدّة من طبيعة المدن الفلسطينية وقراها، فتألقت لوحة المرأة الفلسطينية بثوبها الأسود الشامل لكلّ المدن والقرى، وهي تحمل الجرة مظهرة تفاصيل التطريز الفلسطيني للزخارف والأزهار والورود، مزدانة بوشاحها الأبيض وزينتها. وفي زوايا أخرى نقرأ برمزية البرتقال وغصن الزيتون وقبة المسجد الأقصى، التكوينات التي ارتبطت بتاريخ فلسطين وبمفردات غسان كنفاني ومحمود درويش.

الموسيقا الوترية

ولم يقتصر المعرض على التراث الفلسطيني، إذ جسّدت حالات مختلفة تعيشها الأنثى، فاقتربت من الانطباعية وفي بعض اللوحات مالت نحو التجريد، وبدا على سطحها التداخل اللوني، وخاصة بين الأحمر والأصفر، إضافة إلى كثافة العجينة اللونية، فصوّرت الأنثى العازفة على الآلات الوترية التشيللو والكمان، واتخذت أخرى طابع الحركة الجماعية الراقصة.

الانتظار الحزين

كما عبّرت عن حالة الترقب والانتظار بلوحات حزينة مثل لوحة الأنثى التي تنظر من النافذة إلى المياه الراكدة في البحيرة، والقارب الراسي على ضفتها الملوّن بالأحمر إيماءة إلى الحب الضائع، وهيمنت مسحة الحزن على اللوحة رغم طغيان اللون الأصفر على ثياب الأنثى. كما شغلت الطبيعة الصامتة حيزاً من المعرض أيضاً، مركزة فيها على التناظر بين الظل واللون مثل لوحة الورود والفاكهة. والأمر الجميل أنها ربطت بين توءمة فلسطين وسورية برسمها جزءاً من التراث السوري مجسّدة إحدى حارات دمشق القديمة وبائع العرق سوس المتجول.

الحروفية ضمن التكوين

اللوحة الأبرز في المعرض كانت للمسجد الأقصى، وقد أدخلت الحروفية كعنصر ضمن تكوينات اللوحة، فكتبت على القبة الآية الكريمة-1- من سورة الإسراء “سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير” بخط الثلث. وكدعم للتراث الفلسطيني أفردت ركناً خاصاً للمنتجات اليدوية الفلسطينية المزدانة بالعلم الفلسطيني والرسومات الفلسطينية، إضافة إلى عرض أنواع مختلفة من الثوب الفلسطيني.

تأريخ الثوب الفلسطيني

وأثناء تجول رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين عبد المعطي أبو زيد أوضح في حديث خاص لـ”البعث” أن الفنانة حنان إبراهيم تعمل على تأريخ الثوب الفلسطيني بالقطبة الفلسطينية وبزخارفه وألوانه التراثية، إضافة إلى مفردات التراث الفلسطيني، إلا أن توزيعها الأساسي كان للثوب الفلسطيني ضمن فضاء اللوحات، فأعطت بعداً إنسانياً في اللوحة، كما أخذت الأم رمز الأرض رمز الخصوبة الوحدة الأساسية باللوحة، وانطلقت من هذه النقطة إلى التكوينات وأدخلت الخط العربي بحيث يكون داخل التكوين وليس كتابة مستقلة.

تجريد الوجه من الجسد

وتابع عن انتقالها من الواقعية إلى الانطباعية إلى مرحلة جديدة بخروجها من نمطية أعمالها القديمة إلى التجريدية باشتغالها بالسكين بتجريد الوجه من الجسد الإنساني، ومعالجة اللوحة بتشكيلات وتكوينات وألوان، وفي اللوحة الجماعية للنساء باحتفالية غيّرت التكوين من حالة الجمود إلى الحركة.

زهرة الحنون

ثم توقفتُ مع الفنانة حنان إبراهيم من العنوان الذي همست من خلاله بحكاية حب وصوت الروح والأمل، واعتمدت على المرأة أم الشهداء والأم والأخت في أغلب لوحاتها، وهي تحمل غصن الزيتون دلالة على الصمود، وزهرة الحنون التي ترمز إلى دماء الشهداء. وتابعت عن الموسيقا فاختارت الآلات الوترية لأنها توحي بالحب والحنان، أما الانتظار فدلّ على الخيبة، منوّهة بالتراث السوري لأن فلسطين القلب وسورية الروح.

ضربات السكين

كما عقّبت على التداخل اللوني بألوان الزيتي وضربات السكين التقنية التي تميل إليها واشتغلت عليها في لوحاتها الجديدة، متمنية أن تصل رسالتها إلى المتلقي بحق العودة والتمسّك بالهوية الفلسطينية وتراثها.