فنزويــــلا فــــي جبهــــة الصمـــــود والمقــــاومـــــة
د. صابر فلحوط
لقد عانى الشعب الفنزويلي، عبر تاريخه الطويل، من ويلات الظلم والاستعباد، منذ وصول الاستعمار الاسباني عقب اكتشاف فنزويلا من قبل الرحالة كريستوفر كولومبوس في رحلته الثالثة إلى العالم الجديد عام 1498، حتى وصول القائد المؤسس لفنزويلا الجديدة هوغو شافيز رئيساً عام 1998، فمع القائد شافيز بدأ التاريخ الحديث لفنزويلا عبر تحالف قوى المقاومة ضد التدخل الأمريكي الصهيوني، والتحالف المطلق مع الجماهير الكادحة من العمال والفلاحين وصغار الكسبة.
وقد سارت فنزويلا على الصعيدين الداخلي والدولي خطوات مشهودة، حيث وقفت مع أحرار العالم وشرفائه إلى جانب الحق الفلسطيني، والقضية المركزية للأمة العربية معترفة بالقرار الأممي رقم 3379 لعام 1975 الذي يُعد الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، كما وقفت سراً في وجه الشركات الرأسمالية العالمية التي كانت تسيطر على مفاصل الاقتصاد الوطني مثل أكسون موبيل، وشيفرون، وكوتوكو فيلبس الأمريكية، وتوتال ولافارج الفرنسية، وبي بي البريطانية – التي كانت تدعم اليمين الفنزويلي، وأصدقاء إسرائيل في البلاد..
وقد أمست فنزويلا مثالاً للعلمانية واحترام الحريات، واستبعاد العنصرية والانغلاق الفكري والثقافي، حيث عززت دور المهاجرين إليها من أربع جهات الكوكب، فلا فرق بين “أبيضهم وأسودهم”، حيث المقياس الدقيق هو الإخلاص للوطن والعمل الصادق لبنائه.
لهذا فقد صعد إلى أرفع المناصب في فنزويلا، وزراء ونواب ومديرو بنوك كبرى، حتى وصل بعض مواطنيها من أصول عربية إلى منصب نائب رئيس الجمهورية (طارق العيسمي ابن جبل العرب)، والأمثلة تطول في هذا المجال.
كما وقفت فنزويلا بشجاعة إلى جانب سورية في الحرب الكونية التي شنت عليها من قبل أمريكا والصهيونية العالمية والرجعية النفطية عبر أدواتها من مرتزقة الإرهاب التكفيري الوهابي.
ولأن الرئيس نيكولاس مادورو يسير على خطا الرئيس الراحل شافيز، نهجاً، وعقيدة، وأسلوب نضال، فقد واصلت أمريكا، وعملاؤها، مقاومة مسيرته الوطنية، واجدةً ضالتها في خوان غوايدو، رئيس البرلمان، وصاحب العلاقات الحميمة مع إسرائيل، لتصنع منه (دمية رئاسية) لفنزويلا على غرار صنائعها في بعض جمهوريات الموز في أمريكا، ودول الزيت في بلادنا، بهدف اصطياد أمريكا الجنوبية دولة بعد أخرى بعدما أصبحت تخسر مواقعها وعملاءها في العديد من القارات في العالم.
غير أن صمود الشعب الفنزولي حامل الأوسمة الرفيعة في مواجهة الاستعمار تحت راية القائد الثوري العالمي سيمون دي بوليفار لا يمكن إلا أن يكون وفياً لتراثه وتاريخه، ويواصل التفافه حول قائده، الرئيس مادورو ومبادئه وقيمه الوطنية والتقدمية في مواجهة هذه الهجمة الأمريكية التي وجدت مع الأسف في أوروبا العجوز و(الحليف) الأعمى المتنكر لكل الشعارات والقيم التي سبق أن نادى بها وخدع العالم ببريقها المزيف!!.
ولأنها فنزويلا بشعبها المناضل، وقيادتها التقدمية الجسورة ووقوفها الباسل في وجه القطبية الأمريكية الطاغية، فإن أحرار الأمة العربية، وشرفاء العالم مدعوون هذه الأيام لدعمها وإسنادها في مواجهة الأمريكي الذي يحاول التهام حقوق الشعوب في تقرير مصيرها وبناء مستقبلها بعيداً عن الهيمنة والاستكبار الأمريكي الغاشم…