ثقافةصحيفة البعث

في الإعلام أيضا.. صاعدات وصاعدون

 

لا تقتصر ظاهرة الصاعدات والصاعدون من أشباه المواهب على الوسط الفني الدرامي رغم كثرتهم وتفشي ظهورهم في اغلب الأعمال الدرامية التلفزيونية والسينمائية، ففي سنوات الحرب السبع شاهدنا الكثير من هؤلاء المتسلقين المدعين للموهبة في الكثير من القطاعات الفنية والإعلامية وهم للحق ممن يمتلكون المواهب المتعددة إلا في المجال الذي هبطوا عليه بمظلة من طائرة لا نعرف من طيارها، فكل يوم يبرز لنا اسم جديد في عالم الصحافة الفنية والثقافية ويقدم للوسط الإعلامي والفني والثقافي بمسميات متعددة، فإما أن يكون متابعاً/ة للشأن الفني والثقافي أو منسقا/ة إعلاميا/ ة لأحد الأعمال الفنية التلفزيونية أو السينمائية أو الغنائية أو لحدث فني ما من ورائه جهة إنتاجية خاصة، أو لمؤتمر صحفي عن نشاط فني أو ثقافي، وصولا لأن يكون مدير/ة مكتب صحفي لإحدى الفنانات أو الفنانين، وهذا يكون واضحا من كم الصور التي تجمعهم سوية في مقاهي ومطاعم دمشق والمنشورة على صفحاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، والانكى من ذلك أن يصبح هواة القفز المظلي بين ليلة وضحاها من النقاد الفنيين الذين لا يشق لهم غبار في كل مجالات الفن والثقافة، حيث يحلوا ضيوفا على البرامج التلفزيونية والإذاعية بشكل دوري ليتحفونا بأخبارهم وآرائهم وتقييماتهم التي تكون في غالبها مسروقة من الصحافيين المحترفين ممن لا يجيدون التملق والمحاباة.
أولئك الصاعدات والصاعدون لهم في كل عرس قرص فهم المتواجدون في الفعاليات والمؤتمرات الصحفية كلها، يكررون أسئلتهم البلهاء ذاتها التي تنم عن ضحالة فكرهم وتدني ثقافتهم مع فقدانهم لأهم مقومات مهنة الإعلام، إلا أن مهارتهم في التقاط السيلفي مع النجوم وإتقانهم اللعب على الحبال كمهرجي السيرك تنقذهم غالبا من خلال نشرهم لمواد صحفية مسروقة في أغلبها من جهد الصحافيين الحقيقيين الذين يتواجدون في ذات الفعاليات والمؤتمرات إنما بدون هذا الاستعراض الفارغ، فهؤلاء الصحافيين الذين يقوم على جهدهم النتاج الإعلامي الفني والثقافي كله، يقومون بواجبهم وينصرفوا ليكتبوا موادهم الصحفية بطريقة مهنية واحترافية دون صخب وسائل التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي يقوم به أولئك الصاعدات والصاعدون بانتظار صدور هذه المواد الصحفية المكتملة الشروط ليبدأوا عملهم اللصوصي عبر القص و اللصق من هذه المقالات و التقارير و احيانا مع بعض محاولات التذاكي من خلال تبديل ترتيب فقراتها مع القليل من التعديل الركيك في مقدماتها لتبدو بحلة جديدة ، ليقوموا بنشرها فيما بعد في وسائلهم الاعلامية المحلية او الخارجية مذيلة باسمائهم البراقة دون ان يعلم الكثيرون و ربما منهم رؤسائهم في العمل بانهم لصوص مدعون لا يمتون للاعلام بصلة .
كما ان وجود الكثير من الوسائل الاعلام على اختلاف انواعها القائمة اساسا على مبدأ الترقب و السرقة للمواد الصحافية من الوسائل الاعلامية الاحترافية والمشهود لها بالمهنية ، و اعادة تقديم هذه المواد بقالب جديد في الشكل ، و لكن دون ذكر مصدرها الذي صاغها و صنعها وتعب في اعدادها لتتم قرصنتها منه ( عينك عينك ) ، فهذا يضعنا امام عدة تساؤلات حول مدى الحاجة لتشريعات اعلامية جديدة تحمي حقوق النشر للوسائل الاعلامية الجادة والمهنية.
هذا الاستعراض الفارغ من قبل الصاعدات والصاعدين و من لف لفيفهم من وسائل اعلامية ( نص كم ) هو مكشوف من قبل الصحافيين المهنيين الذين كتبوا و تعبوا ليوصلوا فحوى هذه الفعاليات و النشاطات الفنية و الثقافية للناس بزمن قياسي ، عدا عن درايتهم بسرقة افكارهم التي يوردوها عبر مقالاتهم والتي يحاولوا من خلالها استكشاف النقاط الهامة في قضايا اشكالية مرتبطة بالشأن الفني و الثقافي لتسليط الضوء عليها وايجاد الحلول لها ، و ما سكوتهم عن هذه السرقات و الادعاءات الا نوع من التعالي على من ارتضى لنفسه ان يكون لصا ، و لدرايتهم بأن هذه الحالة من الفوضى التي تشهدها هذه القطاعات ما هي الا انعكاس لرواسب الحرب التي نتعرض لها منذ ثمان سنوات ، وان هذا الوضع لن يستمر طويلا خاصة مع اقتراب نهاية الحرب و انطلاق عملية اعادة الاعمار التي يجب ان تشمل كل القطاعات ، ففي النهاية لن يصح الا الصحيح و لن يستمر في اي مجال الا من يمتلك الموهبة و القدرة و الدراية ، و القادم القريب سيثبت هذا لا محالة.
محمد سمير طحان