ثقافة

ســـوريــة تسـتحق..

من عاشر الطبيعة لا ينسى مفاتنها الجميلة، رسمها من أضفى على اسمه الجمال، فلا كتل اسمنتية تعانق السماء وتحجب لوحات الطبيعة البهية الفاتنة، ولا ضجيج يمنع عنك أصوات البلابل وريح الخزامى والياسمين، وفي الآخر من شهر رمضان المبارك ومن الشرفة الريفية بدا لي وداع رمضان كالعرجون القديم ، وما هي إلا لحظات وأنا في الشرفة وفي هزيع الليل انقشع الظلام فلا نجوم ولا شمس في صحفة السماء، إلا أن وجه الطبيعة قد استنار فتذكرت قصص جدتي، من أحب تراب أرضه وعبد الله كأنه يراه تبدو له ليلة اسمها ليلة القدر، وكنت شغوفاً بقصصها وأحلم بالوصول إلى بحيرة الحياة فما إن أطبقت أجفاني التي كنت أنذرها مهداً وثيراً لتراب أرضي رأيتني في عالم غير عالمنا أناسه كإيانا، لكن أجسادهم شفافة كالسجنجل أقدامهم أياديهم وجميع جسدهم، فجلست بجانب أحدهم وكان يفترش الأرض سبيكة من الذهب والفضة بجانب البحيرة التي تمنيت، فقال لي قبل أن تنبس ببنت شفة امسح فمك ووجهك من مياه هذه البحيرة فقدومك من عالم مضمخ بالخطايا والحقد وطريقك إلى الوجود كذلك، فسألته أما أنتم كيف خلقكم.. تناول سبيكة من الذهب والفضة وعاء وغرف من بحيرة الحياة حفنة وغمس فيها من تيجان الفل والياسمين، وقال هكذا خلقنا رحمنا الذهب ليذهب عنا الخطايا والفضة ليكون كوننا رحيباً، وريح حديثنا الورد والياسمين وماء الحياة لتكون حياتنا سرمدية فتجتمع الملائكة ونتشاور في أن يكون ذكراً أو أنثى وشورتنا غيركم فلا عقد في الحاجبين ولا تحملق في العينين فمن صلى لتراب أرضه وخالقه ينعم الله عليه بأرض من الذهب والفضة وبحيرة ماؤها الحياة ومعشره الملائكة لما لا نكون كذلك وإذا لم نستطع أن نتناول القمر فلنستمتع بضوئه الجميل في كرسيه ملكاً بين الأمراء وكذا الشمس فلنستمتع بدفئها الحنون وليحمل كل واحد مناخه على ظهره ولو كان ثقيلاً، فتراب سورية يستحق ذلك ولا نتأثر بمناخات الآخرين وغير ذلك فنحن كاليتيم في مآدبة اللئيم ويلفظنا التاريخ ويكون خلافنا كخلاف العرب على الحجر الأسود الذي قدسته قدم إبراهيم وإسماعيل عند بناء البيت العتيق، أما تراب سورية مقدس كذلك فذلك أبو الخلق آدم داست قدماه أرضي فابنه قابيل في حضن قاسيون الغربي وسيدنا إبراهيم عبر سورية من العراق وأبو الزهراء كذلك بتجارته إلى القدم الشريف وسيدنا يحيى وغيرهم وغيرهم ، قال سيد القول أبو الزهراء: لا يدخل الجنة من في صدره مثقال حبة خردل من غل، وقال سيدنا ابن البتول: من صفعك على خدك الأيمن فحول له الأيسر فتراب سورية قدس الأقداس تعالوا لنمد عباءة الوطن مساحتها ظليلة مترامية الأطراف 185 ألف كم 2 ، يحملها 23 مليوناً متحابين متعاونين لنبني هذا الوطن إنه كالبيت العتيق وأناسه كصاحبي وليكن تراب سورية قبلتنا وقلوبنا تنبض بالمحبة والإخاء، ولنشحذ معاولنا ونستنهض هممنا ونطبق أجفاننا على تراب هذا الوطن إنه شغاف القلب ونبض الحياة من شريانه الطاهر ولنؤمن كإيماننا بالله أن الدين لله وقلب سورية الدافئ حضن أم رؤوف يتسع للجميع.
رثعان محمد الغصين