“شغل شباب” على سورية دراما
ماذا تعني عبارة –شغل شباب-التي يحملها البرنامج الذي تبثه قناة سورية دراما؟، وهو من تقديم: كرم شعراني، مؤيد الخراط، يامن سليمان وسومر إبراهيم.
للوهلة الأولى يبدو أن البرنامج سيتعامل مع شباب وقضايا شبابية مثلا، وهي حزمة من الصعب أن تُحصى، ولكن على الأقل العمر الشبابي يُفترض أن يوحد القضايا التي تهم الشباب، منها على سبيل المثال لا الحصر: صعوبة الدراسة لطلاب الثانوية/ طلاب الجامعة وكيف يفكرون هذه الأيام/ كيف يفكر الجيل الذي أصبح شابا إبان فترة الحرب/شاب لديه موهبة غريبة/ شاب يمكن أن يكون قدوة لجيله بسلوك أو إنجاز أو تحصيل؟ وغيرها،ولكن ما نراه في برنامج “شغل شباب” لا علاقة له لا بالشباب كمرحلة عمرية، ولا بهموم الشباب.
ضيوف البرنامج، بالدرجة الأولى هم من المشتغلين بالدراما، يتخلل ذلك بعض الأسماء المرتبطة بالرياضة والموسيقا، وقد يعثرون في أحوال نادرة على ضيف من عوالم الأدب؛ هل هذه موضوعات شباب؟!، كان يمكن تسمية البرنامج، ثقافة ورياضة أو فنون ورياضة.
تصنف الأمم المتحدة فئة الشباب العمرية، من 15 إلى 24 سنة، وهناك عدة تصنيفات لهذه الفترة، أطولها 30 عاما وفق معجم (المنجد) فهل ضيوف البرنامج، وحتى مقدموه، هم من هذه الفئة؟
مقدمو البرنامج الأربعة، تتراوح أعمارهم بين ال 33 و35 عاما، والضيوف قد ينسحب عليهم قول الشاعر، ألا ليت الشباب يعود، فكيف ولماذا اسم البرنامج “شغل شباب”؟
يؤخذ على هذا البرنامج وجود أربعة مقدمين له بلا مبرر، كنا سابقا نأخذ على بعض البرامج الحوارية أن مقدم البرنامج أو المحاوٌر، لا يترك للضيف فرصة للكلام، فهو يريد أن ينافسه في المعلومات والوقت، وغالبا ما يحول بين المتلقي وبين الضيف، الآن أصبحوا أربعة يفعلون ذلك، وليس واحدا فقط! أحيانا تتم مقاطعة الضيف، فقط لأن أحدهم يجب أن يتكلم، كما أنهم دائما يضحكون معا بمبالغة وبصوت مرتفع، ويتطابقون في الآراء لدرجة أننا نرى أربع نسخ لرأي واحد، وهذا ينسف تماما الحاجة أو المبرر لوجود أربعة مقدمين، فالمشاهد يسمع رأيا واحدا مكررا من أربعة، أو قصة يحكيها الجميع معا؛ وهم يتطابقون ليس فقط في الآراء المتعلقة بالشؤون الفنية والفكرية، التطابق يصل حتى إلى نفس النادي الكروي الذي يشجعوه، وهو ليس نادياً سوريّاً بالمناسبة!
كم كان جميلا في برنامج “شغل شباب”، الذي يقدمه أربعة من الشباب السوريين، إلى جمهور من الشباب السوري، لو أن كل واحد منهم يشجع ناديا سوريا مختلفا، “النواعير، الوحدة، تشرين، الاتحاد، وغيرهم”، هل هذه الأندية المتواضعة دون المقام الذي يظهر عليه البرنامج “الكووول”؟ ألا تساعد لفتة بسيطة من هذا النوع على تحسين مستوى تلك الأندية؟، وهل أصبحت الأندية الأوروبية بمستواها الجيد لولا التبني والتشجيع؟ الشباب السوري الذي يشاهد “شغل شباب” سيسمع عن برشلونة، كما أنه سيشعر بأن الأندية المحلية من عالم آخر.
الكلام عن هذا التفصيل البسيط ليس خروجا عن الموضوع، صحيح أنه لا يعدو عن كونه من الميول الشخصية لمقدمي “شغل شباب”، ولكن بما أن هذا الميل الشخصي يظهر في البرنامج بوضوح، فقد أصبح جزءا من مضمونه ومن الرسالة التي يوجهها للجمهور.
تمّام علي بركات