ثقافة

في معرض تحية لروح الفنان المربي محمد الوهيبي

مربّ وملهم ومؤثر في الحركة الفنية التشكيليةباللغة التي كان خير من يتقنها، وبالألوان التي طالما أبحر في عالمها، وبالحب الذي ملأ قلبه وعقله، خاطب المشاركون في المعرض الذي أقامته وزارة التربية، بالتعاون مع اتحاد الفنانين التشكيليين، روح الفنان المربي محمد الوهيبي، وذلك يوم السبت الماضي في صالة المركز التربوي للفنون التشكيلية، والذي التقت فيه أجيال مختلفة من الفنانين الصغار، والشباب، والمخضرمين بلوحات وأعمال تنوعت ما بين التصوير والحفر والنحت، إلى جانب إطلاق اسم الراحل الوهيبي على هذه الصالة التي تعتبر الأكبر في سورية، (تضم صالتين بمساحة إجمالية تقدر بـ 1000م2 وتتسع لنحو 500 عمل فني)، وذلك تقديراً لقضائه حوالي خمسة وثلاثين عاماً من حياته كمدرّس لمادة التربية الفنية في مدارس دمشق، ومدارس بنات الشهداء.
تكريماً لعطائه
افتتح د. هزوان الوز وزير التربية المعرض، واطلع خلال جولته على الأعمال الفنية التشكيلية التي تجاوز عددها 400 عمل من نحت، وحفر، وتصوير، ورسم تم إنجازها من قبل عدد من الفنانين التشكيليين، والمدرّسين العاملين في حقل التربية والتعليم، إلى جانب أساتذة وطلاب المركز التربوي للفنون التشكيلية، وهيئة مدارس أبناء الشهداء.
وفي تصريح للإعلاميين أوضح وزير التربية أن إقامة مثل هذا المعرض يأتي من تضافر الفكرة النبيلة، والمهارة الفنية من خلال مشاركة الأطفال والشباب، إلى جانب أساتذة اختصاصيين كنوع من التحية لروح هذا الفنان التشكيلي المبدع، وتكريماً لعطائه الفني والتربوي على مدى مشوار حياته الزاخر بالإنجازات، مؤكداً أن إطلاق اسم هذا الفنان على صالة المعارض في المركز يعكس حالة وفاء من وزارة التربية لهؤلاء المبدعين الذين يعملون في المجال التربوي والتعليمي، ويشجع المشاركين على العطاء والبذل والإبداع، وخلق روح التنافس الإنساني والمعرفي، والتركيز على الجانب الجمالي، وبناء جيل متوازن يحب الحياة والوطن، مبيّناً أن إقامة مثل هذه النشاطات في ظل الظروف الراهنة، ومتابعة تقديم الاهتمام والرعاية المستمرة لأصحاب المواهب من الصغار، واليافعين، والفنانين التشكيليين، تسهم في التأسيس لحركة فنية أكثر تميزاً، لذلك بيّن الوزير أن مؤسساتنا التربوية ستبقى تدعم الفن الذي لا تقل أهميته عن أي مجال علمي وفكري وثقافي آخر، كونه جزءاً هاماً من التراث الحضاري الذي نريده فخراً للأبناء والأحفاد، لأننا نؤمن بالإنسان والغد الأفضل، وسيصبح الفن الذي نقدمه اليوم ذا أهمية في تنمية القيم الوطنية، والاجتماعية، والإنسانية.
وختم د. الوز كلامه بالتأكيد على أن التعاون بين وزارة التربية واتحاد الفنانين التشكيليين سيتوسع في الأيام القادمة، خاصة أن الوزارة تزمع افتتاح العديد من المراكز التربوية للفنون التشكيلية في سورية لاستمرار مسيرة الفن.
معرض هام
وأثنى الدكتور إحسان العر، رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين، على التعاون مع وزارة التربية، وهو يقدّر عالياً المجهود الكبير لها في إقامة هذا المعرض، مُبدياً سعادته الكبيرة بهذا التعاون الذي أثمر عن هذا المعرض، مؤكداً على مسؤولية وزارتي الثقافة والتربية، واتحاد الفنانين التشكيليين في بناء جيل مثقف فنياً يحافظ على بنية الإبداع الذي ورثناه عن الأجيال السابقة لتستمر سورية في العطاء والإبداع، ولنثبت للغرب أن لدينا في سورية جيلاً مثقفاً فنياً يقيم معارض على قدر كبير من الأهمية تضاهي المعارض التي تقام في الدول التي تعيش برخاء وأمان.
حالة إنسانية ووطنية
أما الفنان موفق مخول المشرف العام على المركز، وأحد المشاركين فيه فرأى في المعرض تجمّعاً إنسانياً ووطنياً كبيراً، وقد ضمّ مختلف الأجيال انطلاقاً من اعترافنا في سورية بأن الفن حاجة وطنية وإنسانية، مبيّناً أن الراحل محمد الوهيبي كان حالة إنسانية ووطنية، لذلك جاء هذا المعرض ليخاطب روحه التي ما عرف عنها إلّا الحب والعطاء، فكان من الضروري أن يقام هذا المعرض لنتعلّم كيف نحترم ونكرم ونحبّ بعضنا البعض، فكيف بفنان تشكيلي ومربّ مثل الوهيبي الذي يستحق كل التكريم والاحترام، وهو الذي أمضى أكثر من ثلاثين عاماً في وزارة التربية كمدرّس في مدارس دمشق، وبنات وأبناء الشهداء الذين لم ينسوا هذا الفنان الذي كان أباً لهم، واعترافاً بالجميل شارك عدد كبير منهم في هذا المعرض لعلّ روحه تستشعر ذلك العرفان بالجميل، مشيراً، «مخول»، إلى أن جميع المشاركين شاركوا بلوحات، وإن اختلفت في المواضيع والأساليب، إلا أن ما يجمعها كان الحب والوطن اللذان لم يغيبا عن لوحات الراحل الوهيبي.
أيقونة الفن التشكيلي
ورأى الفنان أكسم طلاع أن الاحتفاء بخاله وصديقه الوهيبي من خلال هذا المعرض ليس احتفاء بموروثه الفني والإنساني فحسب، بل هو احتفاء بفلسطين في دمشق، وبالتالي فإن تكريم وزارة التربية لهذه الحالة المبدعة الفلسطينية هو احتفاء بفنان مثّل فلسطين خير تمثيل، مؤكداً أن الوهيبي لم يكن فناناً عادياً، وهو الذي أمضى نحو 35 عاماً في التربية، فكان مربياً وملهماً لأجيال، ومنتجاً للوحة، ومؤثراً في الحركة الفنية التشكيلية، كما كان على المستوى العربي أيقونة الفن التشكيلي، وتمتّع بميزة خاصة في المنتَج الفني وفي سلوكه، وبالتالي فإن الاحتفاء بهذا الرجل وبتجربته هو احتفاء بالفن والجمال، منوهاً، «طلاع»، إلى أن الوهيبي تَرَكَ له أشياء كثيرة، وأجمل ما تركه له أصدقاؤه الذين تأثروا به بشكل من الأشكال، وهذا دليل على قوّة تأثيره، كما ترك له الكثير من العناوين التي كلما مرّ بها تذكره ورآه فيها، وذاكرة دوماً حاضرة، والإيمان بأن الفن يجب أن يكون قريباً من الإنسان، لأنه من دون إنسانية لا معنى له، موضحاً كذلك أن الوهيبي علَّمه أن أجمل ما في الحياة هي المرأة، وأن التواضع هو أسمى صفة يجب أن يتمتع بها الإنسان، لأنه ظلّ متواضعاً يبحث ويتعلّم حتى آخر لحظة من حياته.
صاحب أثر وموهبة كبيرة
وأشار الأديب حسن حميد صديق الراحل الوهيبي إلى أن أهل الإبداع والفن اجتمعوا من خلال هذا المعرض حول محمد الوهيبي الإنسان والفنان، وهذا أمر شديد الأهمية، في وقت تباعدت فيه الطرق بين الأصدقاء والبلدان، ليأتي هذا المعرض ويعلن أن سورية هي أهل المحبة على الرغم ممّا يحيط ويحفّ بها من مكاره وأذيّات غير عادية تعلن التطرف والتوحش مقابل لوحات كثيرة تراصفت هنا في هذا المعرض، تعلن الوفاء والحب للراحل الوهيبي، ولتقول له: “أنت صاحب أثر بيننا وموهبة كبيرة”، وهذا يثلج الصدر برأي حميد الذي أكد سعادته الكبيرة بالحضور الكبير، واللوحات الكثيرة التي شاركت احتفاء بهذا الفنان الكبير.
يُذكَر أن المعرض ضم عدداً كبيراً من الأغراض الشخصية للراحل محمد الوهيبي، والتي احتفظ بها أقرباؤه وأصدقاؤه.
أمينة عباس