وعــــاد الســــيران الشامي
في يوم الجمعة الماضي، كان لي أمر في أن أخرج من المنزل وأركب لأنزل إلى الشام، كما نقول في اللغة الدراجة، عبر طريق الربوة، وسقا الله أيام هذا الطريق وأنهر بردى وليس نهر بردى، لأنه سبعة أنهر تمر كلها من الربوة العزيزة، بعضها في المجرى الطبيعي عن يمين وعن يسار وبعضها فوق مرتفع، وربما فوق مرتفع آخر وأكثر ارتفاعاً لدرجة أنك تظنه جبلاً، وتستمر فروع بردى بدخول الشام، ثم تخرج من الشام إلى المصب وهو بحيرة بردى الكبيرة جداً، وحيث كنا، وأذكر ذلك بفرح الأطفال نذهب إليها ونسبح فيها ونمضي أوقاتاً سعيدة لا تُنسى! وحين يعود السيران وينتشر بهذه الكثافة ونحن لا نزال في مطلع شهر أيار، فهذا يعني أن الاستقرار قد عاد وأن الأمن والأمان موجودان وأن الروح الحرة لشعبنا قد عادت تفيض فرحاً وسعادة واستقراراً!.
ولا يعرف عودة (السيارين) و(السيرنجية) في شامنا وكل بلادنا حتماً، وماذا يعني ذلك، إلا من يعرف أسباب الاستقرار الاجتماعي، وأقول: الفرح الاجتماعي، على أي أساس تقوم وكيف تنتشر وتصبح فرحاً واستقراراً و(سيارين) ولا حدود لها، خاصة أن هذا الازدحام من (السيرنجية) الذي رأيته لا حدود له!. إن أسباب كل ذلك إذن إنما هو عودة الحياة الطبيعية وكل أفراحها واستقرارها إلى شامنا الحلوة وكل بلادنا أيضاً!.
وأذكر حين كنت صغيراً وكانت أمي تحب الخروج إلى السيران، وفي أكثر من مكان وخاصة على ضفاف بردى وخاصة الربوة، كان أبي يأخذنا ومعنا كل ما يلزم، ونتفاجأ بأن كل الربوة وبكل ما نراه منها وقبل أن نصلها كلهم يجلسون على الضفاف وقرب الماء في سيران جميل وحبيب!.
وأهم ماكان يلفت نظري في ذلك أن النساء كن يرتدين ما يحجب الوجه تماماً أو معظم الوجه، ولكن في السيران نرى أن ذلك يتغير وتصبح هناك راحة أكثر في الحركة والأحاديث وتبادل الجميع الأحاديث والنصائح والعناية بالأطفال وكأنهم صارواً جميعاً عائلة واحدة!. فعودي ياسيارين الشام وعودي إلى كل بلادنا حباً وجمالاً نفسياً وروحياً أيضاً!.
وأذكر فيما أذكر من أيام (السيران) أن بعض (السيرنجية) كانوا يحضرون معهم أعواداً مصنوعة على شكل ناعورة، ويضعونها في طرف أحد أبناء بردى على طريق الربوة، ونصير نتفرج على الناعورة وكيف تدور وتحمل المياه وترفعها ثم تلقيها فما أحلاك يا بردى الشام وأبناؤك السبعة، ويعود إليك كل المحبين وطوال الصيف الجميل والطويل والذي قد يصل طوله وحباً بك يا بردى إلى خمسة أشهر إذا لم نقل أكثر، وهكذا تكون النصيحة اليوم: الحب لا بد أن يعود!.. لا تقل لي غير ذلك أبداً!.. لا تقل لي غير ذلك أبداً!..
أكرم شريم