اقتصادزواياصحيفة البعث

ماذا لو فكر المركزي بالمضاربة…؟

نعتقد أن المضاربة بما تبقى لدى مصرف سورية المركزي من القطع هي خير سبيل أمامه..!

ولا نقصد بالطبع المضاربة التقليدية بالسوق السوداء، وإنما المضاربة بتأمين احتياجاتنا الرئيسة… بمعنى أن يكون صناع قرارنا الاقتصادي قادرين على إجراء صفقات لصرف القطع في المكان والزمان المناسبين، كأن تسخر لإقامة مشاريع حيوية إنتاجية صناعية وزراعية ذات طابع ربحي، أو نستورد آلات صناعية نوعية لإنتاج صادرات منافسة بالسعر والجودة نشد بها من أزر صناعتنا الوطنية، أي صرف الدولار المناسب في المكان المناسب، ليكون له رجع صدى يطرب أسماع المستهلك قبل الصناعي والتاجر، فبذلك نحقق اكتفاءً ذاتياً ونمتن من أواصر اقتصادنا الوطني…!

أو ليس ما سبق قد يمهد الطريق لتحسين الإنتاج الوطني وتطويره باتجاه التصدير، فلعل بذلك تستعيد خزائن المركزي ما خسرته من دولارات في قنوات شركات الصرافة، خاصة أن هناك الكثير من المنتجات متعطشة لأسواق تستوعبها ولاسيما الزراعية، فبقدر ما تكون الحكومة قادرة على الولوج للأسواق العالمية، بقدر ما تحقق تدفقاً لقطع أجنبي يقينا شرّ أزمات اقتصادية محتملة ويدعم ليرتنا في آن معاً..!

من سخرية الاقتصاد أيها السادة أن يصبح سعر الصرف وتذبذباته حديث الشارع برمته، وأن يدعي من لا تمت مهنته أو حرفته بالدولار بصلة أن ارتفاعه أثر على رفع تكاليف إنتاجه… لقد وصلنا إلى مرحلة امتص فيها الدولار دخولنا وهدد مدخراتنا، منذراً بانقراض الطبقة الوسطى وازدياد أعضاء الطبقة الفقيرة وتعميق فقرها، وتعاظم ثروات الأغنياء خاصة المستفيدين من لعبة سعر الصرف إن صح التعبير، فأبطال هذه اللعبة نجحوا إلى حد كبير بإخراج حلقات مسلسل ارتفاع سعر الصرف في متوالية لم يغب عنها العامل النفسي الذي أعطى انطباعاً بتدهور عملتنا الوطنية؛ ما شجع السواد الأعظم من مجتمعنا على الإسراع بتبديلها بالدولار من استطاع إليه سبيلاً، إلى جانب الذهب والعقار..!

لكن احتياطنا النقدي يبقى أمانة وطنية تحتم بالنهاية أن يُدار بدقة متناهية لأبعد الحدود، وفقاً لحاجيات المصلحة العامة وتبعاً للأولويات الوطنية، بحيث تحدد هذه الأولويات بتراتبية (ذهبية – فضية – برونزية)، فالأوضاع غير العادية تستدعي قرارات غير عادية وعلى درجة كبيرة من الدراسة؛ وذلك تفادياً لما هو أسوأ من قادمات الأيام…!

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com