اقتصادصحيفة البعث

بالتوازي مع هواجس السيطرة على الحصة الأكبر..عــــدم الثقـــة بيـــن شـــركات التأميـــن والسوريـــة للتأميـــن يلقــي بظــلاله على ســــوق التــــأمين..!

يبدو أن هناك العديد من المخاوف وغياب للثقة ما تزال تعتري قطاع التأمين الخاص ولاسيما بعد تقييد عملها بعدد من القرارات الحكومية؛ ما جعلها تتراجع عن مشاريع وطروحات كان لابد منها لإنعاش سوق التأمين خلال سنوات الحرب، كمقترح مشروع إنشاء مجمع لشركات التامين وهو الخيار الذي تلجأ إليه شركات التأمين عادة في الأزمات، لزيادة قدرتها على تحمل الأخطار الكبيرة في ظل التضخم الحاصل الذي أدى إلى تآكل رأسمالها من جهة، ورفع قيمة الأخطار المالية من جهة أخرى، وإلى جانب تمكينها من التغلب على إشكالية غياب معيدي التأمين نتيجة الحصار الاقتصادي، حيث بين الأمين العام لاتحاد شركات التأمين السورية الدكتور عبادة المراد أن شركات التأمين تخوفت من سيطرة القطاع العام ممثلاً بالمؤسسة العامة السورية للتأمين على المشروع بعد تخطيه مرحلة التأسيس ووصوله إلى مرحلة جني الأرباح، وساق مثالاً على ذلك حيازة المؤسسة لنسبة 80% من ملف التأمين الإلزامي الرابح، في حين كان في بداية عمل الشركات متاحاً لها، ويعتبر جزءاً أساسياً من عملها، ولتتقاسم 12 شركة تأمين ما تبقى منه.

بالإضافة إلى غياب الثقة ما بين الشركات من جهة، وبينهم وبين المؤسسة العامة السورية للتأمين من جهة أخرى، تُظهر المؤسسة عدم تعاونها مع باقي مكونات القطاع في توزيع الأخطار الموجودة، وإن وجد فإنه في حده الأدنى، الأمر الذي شكل مخاوف لدى شركات التأمين من العمل في السوق السورية، والتي ينقصها الكثير من المرونة والعدالة في تقاسم الأخطار لتتمكن هذه الشركات من العمل، وبالرغم من اعتباره أن المؤسسة هي الضمان للموظفين والشركات بحسب المراد إلا أنه أبدى تساؤلاً حول قدرة المؤسسة على تحمل كافة الأخطار وحدها.

استراتيجية دفاعية

بالمقابل أبدى مدير عام المؤسسة العامة المهندس إياد الزهراء استياءه من قياس تأخر أقساط التأمين أو مبادئ عمل التأمين بعلاقات شخصية، مؤكداً على أن ظروف الأزمة ساهمت في صدور العديد من القرارات والاستراتيجيات الدفاعية الحكومية بحسب وصفه، منها قرار التأمين الإلزامي، ولاسيما أن القطاع الخاص لا يستطيع المشاركة في تأمينات العمل الحكومي، كون هذا العمل تحت سقف العقوبات الاقتصادية المفروضة، والقطاع الخاص طالته العقوبات بشكل مباشر بما لا يقل عن 90% عبر استهداف شخصيات اقتصادية، وبالتالي لا يمكن نقض القرار الحكومي بتخصيص عمله للمؤسسة، وإن كانت استراتيجيات الدفاع في الحرب أن يبقى القطاع العام قواماً على عمل التأمين، ومشرفاً عليه بشكل كامل، ذلك كونه يتحمل عبئاً أكبر من عبء القطاع الخاص الذي يستطيع اتخاذ قرار الانسحاب في أي وقت، بينما القطاع الحكومي ملزم بعجلة دورانه لتقديم الحماية خلال سنوات الحرب، وبقاء المؤسسات الحكومية ولاسيما الاقتصادية ضمن ميدان العمل، والاهم تقديم حيز مقبول من الدعم الاجتماعي وهو ملف التأمين الصحي، والذي تعرض لانتقادات كثيرة إلا أن المؤسسة مازالت تقدمه دون الالتفات إلى خسائره المحققة.

تمركزه يحميها

وبين الزهراء أن تخوف شركات التأمين من حيازة المؤسسة على نسب عالية من العمل التأميني من التأمين الإلزامي، غير مقبول كون المؤسسة العامة ما قبل الترخيص كانت تقدم التغطيات التأمينية، واستمرت بالعمل خلال الحرب بالمشاركة مع بعض شركات التأمين، وكان الوضع يحظى بالقبول سواء للمؤسسة العامة أو للشركات، لافتاً إلى وجود قرارات في هيئة الإشراف على التأمين تقيد نسب الاستحواذ على هذه العقود.

وأردف الزهراء أن العقود تعني تحمل التزامات ومسؤوليات، وليست جائزة تقدم وتوزع، ولكن ارتفاع أرباح الشركات خلال سنوات الحرب من الأقساط جراء تقيد حركة السير بين المحافظات أو ليلاً، والذي انعكس تقلص عدد الحوادث وزيادة في الأرباح، وجه أنظار الشركات إلى التأمين الإلزامي، ولكن مع عودة الحياة إلى طبيعتها، ليس من المؤكد استمرار ربحيته، وتوزيع الخطر على 13 شركة يرفع مقدار “الأذية” عليها، في حين تمركزه في يد شركة واحدة سيكون أكثر حماية لها؛ لذلك يرى الزهراء أن المؤسسة الأقدر على تحمل الأخطار التي قد تلحق أذى كبيراً بالعديد من شركات التأمين لدى اشتراكهم في تغطيته.

دفع إلى العمل

وكمحصلة للقرار ربط الزهراء ارتفاع معدل النمو الإجمالي في قطاع التأمين بنتائجه الإيجابية، إذ تضمن القرار طلباً من القطاع الخاص الذي يمثل شريكاً في العمل وحماية الاقتصاد تنشيط أعماله وتسويقها والانتقال إلى حمايات أكبر للمجتمع بالنواحي الاقتصادية والاجتماعية ليدعم بقاءه، إلى جانب دعمه للمؤسسة العامة في استمرار دورها في ملف التأمين الصحي، وبالتالي لم يكن القرار تقييد القطاع الخاص بل تحفيزه من خلال هذا القرار الذي نقل القطاع الخاص إلى منزلة عمل مؤسسات الدولة، وحثه ضمناً للمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني.

نفى وأكد

أما عدم تمكن الشركات من القيام بإنشاء تجمع لشركات التأمين، فالزهراء عزا السبب إلى عدم توفر الإمكانات الفنية اللازمة لقيامه، نافياً ما ورد على لسان الاتحاد العام لشركات التأمين بهذا السياق، وأكد تشاركية المؤسسة وتعاونها مع بعض شركات التأمين في بعض أنواع العقود التأمينية، وهي شراكة انتقائية تتوافق ضمنها عدة أسباب، منها الأسعار وطبيعة الأخطار المؤمنة، كأخطار الحريق والنقل البحري والهندسي.

وأخيراً..

وعول المراد على مزيد من التشجيع ومنح ميزات لإنعاش هذا القطاع، واستعادة العلاقة الودية بين مكونات القطاع، إضافة إلى نشر الوعي التأميني ليتمكن المواطنون من إدراك أهمية التأمين وجودة الخدمة وعدم الانجرار وراء الأسعار المخفضة، كما بين أن استقرار الناحية المالية سواء لجهة سعر الصرف أو الملاءة المالية للمنشآت والشركات الاقتصادية العاملة ينعكس نشاطاً على أداء شركات التأمين. وبين أن البيئة التشريعية جيدة، لكنها تحتاج إلى مرونة اكبر ولاسيما أن شركات التأمين تعتمد على الشركات الخارجية، وبالتالي يتطلب عملها تسهيل عملية تحويل الأموال مع بقاء المراقبة والمحاسبة، إلى جانب منحها ميزة إصدار عقودها بالدولار لتنفيذ الاتفاقيات الخارجية وخاصة العقود الحدودية ولاسيما أنها وسيلة مجدية لجلب القطع الأجنبي إلى البلد.

فاتن شنان