لن ينقذنا الجنرالات من الحرب القادمة
ترجمة: علاء العطار
عن موقع “ذي أميريكان كونزيرفاتيف” 10/6/2019
همُّ كلّ من في الإدارة الأمريكية ومؤسستها العسكرية الترقي والصعود على سلم المراتب، لذا تراهم خانعين ينفذون الأوامر دون أن يلقوا بالاً لمن سيتعرض للأذى أو ربما للموت، ويسعون وراء أهدافهم بلا هوادة لأن أحداً لا يحاسبهم على أخطائهم.
تشير استطلاعات الرأي إلى أن المؤسسة العسكرية هي المؤسسة الحكومية الوحيدة، وليس الكونغرس أو الرئاسة أو المحكمة العليا أو الكنيسة أو وسائل الإعلام، بل آلة الحرب الأمريكية لا غير.
لكن هذه الثقة في غير محلها، لذلك هناك دعوات إلى الانشقاق بين القادة العسكريين لوقف حرب وشيكة محتملة مع إيران، لأن الانشقاق في صفوف العسكريين هو أفضل فرصة لحشد جمهور لا مبال ضد نزاع غير أخلاقي غير مُستحسن في الخليج العربي، رغم أنه حلم بعيد المنال.
في النهاية لا نرى أولئك العسكريين سوى خدم مطيعين مهما بلغ مدى احتجاجهم، وجلّ اهتمامهم السعي وراء الترقية أكثر من السعي وراء مصلحة الأمة، والجيش الأمريكي، خاصة في رتبه العليا، مهيأ لأن يحبطك كلما كانت هناك حاجة ماسة للشجاعة أو الثبات الأخلاقي، وخلال الحرب التي دامت ما يقارب 18 عاماً بعد 11 أيلول، لم يستقل أي جنرال كتعبير عن معارضته لما عرف كثير منهم أنه صراعات غير أخلاقية وخاسرة، وفي كتابه عن حرب فيتنام، وصف مستشار الأمن القومي السابق هيربرت ماكماستر هذا الانصياع العسكري بأنه إهمال للواجب، لكن الأمر يتعدى ذلك، إذ إنه افتقار للشجاعة الأخلاقية والتفكير المنطقي وسط ماكماستر وأقرانه الذين شنوا بإذعانٍ هذه الحروب.
وإن أجلت التفكير تجد أن من بين حوالي 18 جنرالاً الذين قادوا الحرب المستمرة في أفغانستان، لم يقل كل منهم أن النصر ممكن فحسب، بل أكدوا أنهم كانوا “قاب قوسين أو أدنى” من تحقيقه أو أنهم يرون “ضوء في نهاية النفق”، كان جميع هؤلاء الجنرالات بحاجة لمزيد من الموارد، وحصل السواد الأعظم منهم على المليارات من المال لتضيع أرواح الآلاف من الجنود هباءٍ.
ولم يتعين على أي مواطن حساس أن يصدق أنّ المرؤوسين السابقين لهؤلاء القادة، الذين سيغدون مجموعة جديدة من جنرالات الحرب، سيتقدمون الآن ويعارضون شن حرب مستقبلية كارثية مع الجمهورية الإيرانية؟ إياكم أن تصدقوا ذلك! لأن كبار القادة العسكريين سيؤدون التحية العسكرية أمام صقور الحرب في إدارة ترامب، أمثال جون بولتون، ويخوضون معركة غير أخلاقية وغير ضرورية مع إيران أو أي بلد آخر كـ فنزويلا.
وهل هناك أجدر من التاريخ دليلاً على أنه حتى الجنرالات الشرفاء سيطيعون بحماقة المسيرة العبثية التالية إلى الحرب، ودعنا نبدأ مع ريتشارد مايرز المتحدث المتميز باسم أكاديمية وست بوينت العسكرية، وهو جنرال في القوات الجوية ورئيس هيئة الأركان المشتركة، إذ يذكر التاريخ أنه كان أحد خدام دونالد رامسفيلد الخانعين وتبين أنه كان يعرف تمام المعرفة أن هناك “ثغرات” في المعلومات الاستخبارية غير الدقيقة لفريق بوش والتي تم توظيفها في تبرير حرب العراق المدمرة، ومع ذلك لم نسمع له صوتاً، بل أبقى مايرز فمه مغلقاً.
وعندما تنبأ رئيس أركان الجيش، الجنرال إريك شينيسكي، بدقة في عام 2003 أن احتلال العراق سيتطلب ما يصل إلى نصف مليون جندي أمريكي تمت إقالته بهدوء. وكان الجنرال بيتر شوميكر متملقاً ذليلاً لدرجة أنه لم يعترض على الاستراتيجية الفاشلة التي أدت إلى مقتل جنوده بالمئات ثم بالآلاف رغم خبرته الكبيرة في القوات الخاصة وحنكته العسكرية.
وبعد تلك الأمثلة التي تم نشرها وتلك التي لم تنشر بعد، لا زال التقدير غير واضح المعالم ما إذا كان هؤلاء القادة يفتقرون إلى العقل أم إلى الضمير، ربما يفتقرون لكليهما، فكل هؤلاء الجنرالات يدفعهم الطموح ووهم المجد، حتى إن بعضهم يكاد لا يستطيع تهجئة اسم أفغانستان بشكل صحيح، وعلى أي حال تمت ترقية معظمهم، وهم من سيقود الحرب التالية على إيران إن حدثت.