صحيفة البعثمحليات

الفلاح لم ولن يقطف ثمار معزوفة التسويق الزراعي !! التجار والسماسرة يفسدون علاقة المستهلك بالمزارع ومطالبات بأسواق هال وتدخل حقيقي 

طالما استهجن المواطن ارتفاع أسعار الفواكه الصيفية في الأسواق، ليصبح عاجزاً في بعض الأحيان عن شرائها؛ مما يستدعي رمي الكرة في مرمى الفلاح الذي يُعتبر ضحية التجار والسماسرة، وخاصة أنه يبيع بأسعار زهيدة رغم كل التعب والتكاليف الباهظة للوصول إلى قطف الثمار والتي تذهب كما يقال “بتراب المصاري” إلى التاجر الذي بدوره يبيعها إلى المحال بأسعار مرتفعة، ومن ثم إلى المستهلك مضاعفة.

ويؤكد الفلاحون أن التاجر يتحكم بأرزاقهم من خلال إضافة رسوم كبيرة على النقل مع ثمن العبوات المرتفعة لتصل الفاتورة في النهاية إلى أرقام منخفضة لا تتناسب مع التكاليف المرتفعة جداً، مطالبين وللمرة المئة بتسويق منتجاتهم مباشرة من قبل الحكومة بدلاً من استغلال التجار والسماسرة.

ومع ما يسمعه الفلاح من ألحان على أوتار أوجاع المزارعين عن التسويق الزراعي، لم يبدِ المزارعون تفاؤلهم  بمستقبل التسويق الزراعي، ولاسيما أنه ما زال يعتمد على المعارض والوسائل غير المجدية مالم تتدخل الحكومة بشكل مباشر وقطع الطريق على المستغلين.

قرارات بلا تفعيل

واستغرب المزارعون عدم تفعيل القرارات الصادرة بخصوص الأسواق الشعبية التي تسمح للمزارع ببيع منتجاته للمستهلك مباشرة، علماً أن البلديات استغلت القرار من خلال فتح أكشاك ليخرج الفلاح من المعادلة صفر اليدين. مع التأكيد أن التسويق عبارة عن عملية متكاملة تشمل وزارة الزراعة، وأسواق الهال، ووزارة الاقتصاد، والجمعيات الفلاحية، إلى جانب هيئة الصادرات، وكلهم يتعاونون لينهضوا بواقع التسويق الزراعي، في وقت تغيب خطة التسويق.

وعزا خبراء ضعف التسويق إلى الاهتمام الحكومي بتطوير الإنتاج الزراعي أكثر من الاهتمام بتسويق المنتجات الزراعية، في الوقت الذي نجحت الحكومة في عملية تسويق الحبوب والقطن اللذين يسيران بشكل جيد وفق الإجراءات المتخذة في التسويق، ولاسيما أن تسويق القمح يعد أولوية حكومية متابعة من قبل جميع الجهات المعنية، ودعا رئيس اتحاد فلاحي دمشق وريفها محمد خلوف  إلى تدخل المؤسسة السورية للتجارة بشكل فعلي وقطع الطريق على السماسرة بتسويق كامل المحاصيل من ثمار وخضار ومنتجات حيوانية أسوة بالقمح والتفاح ليحقق العدالة التسويقية ويعود بالمنفعة على المزارعين، معتبراً أن التسويق الزراعي لم يحقق  الغاية المرجوة منه حتى الآن، حيث لم يقطف الفلاح ثمار هذا التسويق الزراعي الذي يسمع ونشاهد ندوات ومحاضرات عنه بشكل مستمر ودوري.

تكاليف باهظة

وأشار خلوف إلى ظلم الفلاح من خلال التكاليف الكبيرة التي يدفعها على محصوله ليقع في النهاية في مصيدة التاجر الذي يشتري منه بأسعار لا تعادل التكلفة، في حين فاجأنا المدير العام للسورية للتجارة أحمد نجم بأن المؤسسة لم تجد داعياً للتدخل وشراء محاصيل الأشجار المثمرة كالكرز والمشمش، لاسيما أن أسعارها مقبولة بالنسبة للفلاح، ليرد خلوف بأن الأسعار التي تعتبرها المؤسسة معقولة يتخللها تكاليف وأجور عمال ونقل وثمن عبوات، ولا يبقى للفلاح إلا القليل من جهده وعرقه. وأمل رئيس اتحاد فلاحي طرطوس مضر الأسعد بأن توفي الحكومة بوعودها بتفعيل التسويق الزراعي بالشكل الصحيح وخاصة ما يتعلق بالأشجار المثمرة، ومنها التفاح والحمضيات، كاشفاً عن نية الحكومة بعقد اجتماع مع اتحاد الفلاحين بناء على طلب الاتحاد بتاريخ 1/8 بالنسبة للتفاح، وفي 1/9 بالنسبة للحمضيات، وذلك لوضع آليات محددة للتسويق.

تشاركية وتوسع

ودعا الأسعد  إلى التشاركية مع السورية للتجارة من خلال إحداث أسواق هال، وقطع الطريق على السماسرة، مشدداً على ضرورة تكثيف عمل السورية للتجارة ونقل المحاصيل، وتسويق المنتجات الزراعية إلى صالتها بالمحافظات. ليبين مدير السورية للتجارة أن خطة المؤسسة ستشمل المحافظات وبالدرجة الأولى التوجه للتوسع في المناطق الريفية التي تبعد عن أماكن صالات السورية، إضافة إلى التوسع في التجمعات العمالية والسكانية في ضواحي المدن والعمل لتأمين صالات لها، والعمل على التوسع العمودي من ناحية التشكيلة في السلع المعروضة، وإضافة الخبز والغاز واللحوم إلى الصالات.

أما الخبير الاقتصادي الدكتور سنان علي ديب فلم يخفِ التدخل الخجول والمحدود السورية للتجارة  في الفترات الماضية، واعتبر أن الدعم الحكومي وتخصيص ٤٠٠ مليار للتوسع الأفقي والعمودي لاستئجار المقرات ولتوسيع أسطولها من الشاحنات والسيارات لتغطية أغلب المناطق يدعو للتفاؤل، داعياً لاستجرار أغلب المحاصيل وفق أسعار التكلفة و هامش ربح للفلاح محسوب بما يضمن تحقيق ثلاثية المنتج والمواطن والوطن، لافتاً  إلى أن  عودة الأراضي والأمان سيكونان الاتجاه العام لأغلب المواطنين في الأرياف الزراعية، إلا أن مشكلة التحكم من التجار ستبقى كون السوق محددة والعرض أكبر لعدم فتح أسواق خارجية حتى مع الدول الحليفة لتصدي بعض التجار على حساب الفلاح.

نهاية القول هناك إجماع لحل مشكلة التسويق بأن تمنح الحكومة ميزات  واسعة لتشجيع قيام مجموعات تسويقية، وامتلاك مراكز التجميع، ووسائل النقل، لكي يتم نقل المحاصيل من الفلاح إلى المستهلك مباشرة، مما سيلغي  دور الوسطاء والسماسرة.

علي حسون