قابلة للصرف بسوق العمل!
خلال السنوات الأخيرة كثر إحداث أقسام للغات في كليات الآداب بالجامعات السورية ولاسيما بدمشق، وكان الملاحظ وجود إقبال عليها كونها جديدة ومغرية، لكنها اليوم تعاني من انكماش عدد الطلبة.!
أمام هذا الواقع ثمة أسئلة تفرض نفسها بخصوص إحداث أقسام جديدة للغات في جامعاتنا، فالملاحظ أن قرار الإحداث يأتي على عجل دون دراسة مسبقة للبنية التدريسية والتعليمية من حيث توفر الكادر التدريسي، والمخابر، والأهم فرص العمل للخريجين!
هذه الأمور الهامة للأسف لا توليها الجامعات إلا الوعود، فعلى سبيل المثال لا الحصر، لا نفهم كيف يتم إحداث قسم للغة الفارسية ولا يوجد بالقسم مخبر واحد ليتعلم الطلبة سماع ولفظ الحرف بطريقة صحيحة، كما لا يفهم إحداث هكذا قسم من دون وجود أعضاء هيئة تدريسية كافية، ولا حتى مكتبة أو مراجع للغة، فحسب مصادرنا هناك عضو هيئة تدريسية واحد على ملاك القسم، والبقية “استعارة” أو تكليف، وهذا يخلق مشكلة “عويصة” حيث لا يمكن الاعتماد عليهم كل عام، فقد يغادرون بأي وقت ولا تستطيع رئاسة القسم إلزامهم!
طبعاً هذه ليست معاناة قسم اللغة الفارسية وحده، بل هي تنطبق على الأقسام الأخرى التي أحدثت في السنوات الأخيرة “روسية ويابانية وإسبانية وألمانية…”، ويضاف لفصول المعاناة معضلة إيجاد فرص العمل بعد التخرج، وهذا ما كان سبباً مباشراً في انكماش عدد الراغبين بالانتساب لتلك الأقسام لنصل بالنتيجة إلى السؤال الهام: ما جدوى إحداث تلك الأقسام إن لم يكن للخريجين فيها فرص عمل.؟!
للأسف، لا تزال القرارات مستعجلة بهذا الخصوص، حتى في إحداث الكليات أو التخصصات، كالكليات التطبيقية التي اكتشف الخريجون فيها أنهم كانوا ضحية وعود خلبية أوقعتهم في شرك البطالة.!
بالمختصر، تسقط أهمية أي خطوة علمية وتعليمية وتصبح عديمة الجدوى إن لم تحقق الغاية المرجوة منها، وهي فرصة العمل وكسب الرزق، فالتعليم جاء “ليمنح المتعلم حصيلة علمية وحق العمل بشهادته”، وإلا ما نفع الأموال التي تُنفق على تخصصات لا قيمة عملية لمخرجاتها؟!
لذا بات لزاماً على القائمين على التعليم العالي أن يعوا جيداً مخاطر ذلك من خلال وضع رؤية استراتيجية لإعادة رسم المنظومة التعليمية بالاعتماد على مدخلات صحيحة تعطي مخرجات قابلة للصرف في سوق العمل حاضراً ومستقبلاً!
غسان فطوم
gassanazfttoum@gmail.com