اقتصاد

احتكار بعض الجهات للخدمة أدّى إلى زحام أمام المكاتب.. و”الصيرفة ” تحسم على هواها شركات صرافة عالمية تنفرد باقتطاع 16% من قيمة الحوالة المالية للسوريين بغير حقّ

ويسترن يونيون، الشركة العالمية الوحيدة والحصرية في تحويل أموال المغتربين السوريين في الخارج إلى ذويهم داخل البلد أو لتلبية مطالب مالية مستحقة عليهم..
يعتقد كل من يقرأ هذه العبارة أننا نروّج للشركة، إلا أننا نسلّط الضوء على عدة قضايا في موضوع تحويل الأموال بالقطع الأجنبي ومن ثم تسليمها إلى العميل المستفيد بسعر صرف منخفض وبالليرة السورية، إضافة إلى الرسوم العالية جداً التي تتقاضاها شركات الوساطة سواء كانت “ويسترن يونيون” أم شركات الصرافة الوطنية.
ضحية الحصار
الشركة الأجنبية -الأمريكية الهوية “ويسترن يونيون”– ومكاتب الصرافة، يشكلان للزبون السوري منشاراً “طالع آكل ونازل آكل”، الجهة الأولى عندما ترسل المبلغ تقتطع رسماً حجمه يصل إلى ما نسبته 14% من قيمة المبلغ الإجمالي، بحسبة بسيطة، على الألف يورو تُحَصّل نحو 137 يورو، أي على 218 ألف ليرة رسم قدره 30 ألف ليرة، (اليورو الواحد بـ 218 ليرة سورية، بحسابات سعر الصرف في الاتحاد الأوروبي).
بالمقابل تقوم الجهة الثانية المرخّص لها بتسليم النقود (شركات الصرافة الوطنية) بالاستفادة من المبلغ من خلال وسيلتين: الأولى معلنة متمثلة برسم يصل إلى 5 يورو على كل ألف يورو –بالاستناد إلى مثالنا السابق– والثانية بربح معدله 1% من بيع 20% من إجمالي حوالاتها الواردة بالقطع الأجنبي لتلبية الطلب على القطع الأجنبي في السوق للأغراض التجارية وغير التجارية، وذلك بناءً على تعليمات المصرف المركزي السوري.
وبذلك يقتطع من تحويل ألف يورو ما قيمته 142 يورو (31 ألف ليرة بتحويل 218 ألف ليرة) أي ما يعادل 16% من إجمالي قيمة المبلغ المحوّل.
استياء
الحسومات الكبيرة من الطرفين أثارت حفيظة المُرسِل والمرسل إليه على حدّ سواء، وفي اتصال هاتفي مع “البعث” كشف مواطن سوري مقيم في سويسرا عن حسم “ويسترن يونيون” 60 يورو كرسوم عن 500 يورو أرسلها إلى والده في سورية الأسبوع الفائت، بينما لم تكن تتجاوز 20 إلى 25 يورو قبل الأزمة، وبالتالي يرى أن عائلته أَولى بالاستفادة من الكتلة الكبيرة التي تحسمها دون وجه حق شركة ثرية جداً ومعروفة برأسمالها الضخم، معتقداً أن الشركة الأمريكية تنتهز الظروف التي تمر بها البلاد وتستثمر حصار الغرب الجائر على الاقتصاد السوري ومنعها التحويل بالقطع الأجنبي إلا من خلال وكلاء “ويسترن يونيون” حصرياً، وبذلك تفرض ما تريد من رسوم بحجج واهية، مثل معدّلات المخاطرة، وأنها تجهل الجهات المستفيدة من هذه التمويلات، حسب تعبير المواطن السوري المقيم في سويسرا.
بعض العملاء الواقفين في الطابور على أحد مكاتب شركات الصرافة الوطنية المسموح لها بتسليم الحوالات، أشار إلى تجاوزات أخرى يقوم بها الصيارفة -على عينك يا عميل– فيقتطعون رسماً دون وجه حق لأن قرارات “المركزي” واضحة، ولا تتضمّن حسم رسم من قيمة المبلغ الواصل إلى المستفيد على اعتبار أن المرسل يدفع المستحقات كافة، وذلك بناءً على قوانين “ويسترن يونيون”، إضافة إلى استفادة الشركة من إيرادات 20% من إجمالي حوالاتها المالية.
الفارق السعري
ثمّة جانب مالي آخر يحقق لشركات الصرافة عوائد مرتفعة جداً يفترض أن يعود ريعها إلى المستفيد وليس إلى إيرادات الشركة، وهو الفارق بين سعري الصرف الخارجي والداخلي، وللتوضيح أكثر -بالاستناد دائماً إلى أمثلتنا الآنفة الذكر– من تحويل ألف يورو تربح الشركة تسعة آلاف ليرة نتيجة تصريف “ويسترن يونيون” بالخارج على سعر صرف 218 ليرة لليورو، وعندما تعيد شركة الصرافة الوطنية بيعه للمواطنين الراغبين بشراء يورو –بعد سماح “المركزي” لها ببيع 20% من حوالاتها- تبيع بسعر 227 ليرة، وذلك حسب آخر نشرات سعر الصرف الصادرة عن المركزي، مع لفت الانتباه هنا إلى أن “المركزي” اشترط تسليم الحوالات المالية الخارجية بالليرة السورية تحديداً، وهو قرار سليم لو ذهب الفارق إلى جيب المستفيد، ولم يحصل ذلك، ودون أدنى شك كان –أي القرار- صائباً لأنه خفّض إلى حدٍّ ما من تداول القطع الأجنبي في السوق السوداء؛ وكنا سنصفه بالمنصف والعادل لو أن المبلغ سلم إلى المستفيد بالليرة السورية بسعر الصرف الرسمي الداخلي 227 ليرة لليورو الواحد، وليس بسعر الصرف الخارجي 218 ليرة، على اعتبار أن المرسل إليه هو صاحب الحق في الاستفادة من المبلغ المحوّل، وليست الجهات الوسيطة المنفذة لخدمة التحويل سواء كانت “ويسترن يونيون” أم شركات الصرافة الوطنية، التي تقتطع على “كيفها” ما تشتهي من رسوم كأجور مقابل الخدمة.

برسم “المركزي”؟!
ملاحظة أخرى لا بد من وضعها برسم القائمين على “المركزي”، حول سبب اعتماد شركات صرافة وطنية معينة وكلاء معتمدين لشركة “ويسترن يونيون”، ولماذا لا يفتح باب الاعتماد أمام جميع الشركات الأخرى؟ وذلك لكسر الاحتكار وعدم السماح لهؤلاء القلة بالتحكم في الزبون وفرض رسوم على “هواهم” لم ترد بالمطلق في قانون “ويسترن يونيون”، إضافة إلى أن نص القانون -لمن يرغب بمعرفة ما يتضمّنه– يؤكد تسليم المبلغ بالعملة ذاتها المحوّلة أي بالقطع الأجنبي، وأن جميع الرسوم والضرائب تحسم عند التحويل من المرسل، حيث يستلم المستفيد المبلغ كما هو معلن من المصدر “مرسل الحوالة” ولا تقع عليه أية ضريبة عند تسلمه النقود؟!.
يشار إلى أن “المركزي” حدّد هذه الإجراءات في حال كانت قيمة الحوالة الخارجية أقل من خمسة آلاف دولار أمريكي، وإذا كانت أعلى اشترط على المستفيد فتح سجل تجاري ليتمكن من استلام المبلغ بالعملة نفسها المحولة من المصدر “المرسل للحوالة”؛ ويذكر أيضاً أن مرسوماً تشريعياً صدر مؤخراً يقضي بتجريم التعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للمدفوعات أو أي نوع من أنواع التداول التجاري أو التسديدات النقدية، سواء كان ذلك بالقطع الأجنبي أم بالمعادن الثمينة.
دمشق – سامر حلاس