تأهيل سوريالي..!؟
عند التفاضل بين الأولويات المحدّدة في أي مسألة يختزل حسن التحديد بفن التوفيق بين الممكن والمعقول مع إبعاد المستحيل، وذلك حتى لا يقع الاختيار على مزيج متعثر من تلك الثلاثية.
وقد تضاف علامات تثقيل كثيرة لخيارات تكون مهملة أو في آخر قائمة الأولويات تعيدها إلى صدارة الأدوار، كما هو الحال في إعادة التفكير مجدداً بإصلاح مؤسسات القطاع العام الصناعي ضمن إطار تحديد أولويات إعادة الإعمار ومزج اتجاهات الإصلاح.
أما على رأس عوامل التثقيل التي تعيد الألق إلى التفكير في مسألة أخذت من الزمن والجهد والمال القسط الأوفر دون طائل، فإثبات القطاع العام أنه الضامن الحقيقي والمسعف الفعلي للاقتصاد السوري خلال سنيّ الأزمة، يضاف إليها إمكانية تأمين السلع محلياً عبر تأهيل بنى تحتية قائمة، ما يشكل قاعدة صلبة للانطلاق في الصناعة المحلية من مستويات متقدمة لا من الصفر، أي تحريك عجلة الإنتاج بتكاليف أقل، وعند دوران هذه العجلة على الأقل في القطاع الصناعي المحلي تنشط الأسواق برمّتها، وتؤدي إلى دوران مثيلتها في القطاع الخاص بسرعة أكبر لترسم مشهداً صناعياً استثنائياً بسرعة معقولة.
على المقلب الآخر تظهر مسألة التمويل كحجر عثرة في طريق تأهيل هذا القطاع، علماً أن هناك استراتيجية وأولويات محددة من الوزارة المعنية لتأهيل شركات وإسقاط أخرى واستثمار بعضها، وهناك دراسات وحسابات تكلفة موضوعة لذلك، أما الجزء غير الملحوظ فهو مدّخرات العاملين في هذه الشركات، حيث يمكن إعادة تدوير تلك المدخرات وتوظيفها في المنشآت (المحدثة) وبالتالي ضمان حقوق العمال وتوسيع شركاتهم، وذلك عبر تحويل شركات القطاع الصناعي برمتها إلى شركات مساهمة عامة دون الاقتصار على الشركات المتعثرة فقط، وأن تكون النسبة الأكبر للدولة -طبعاً بعد حل التشابكات المالية- عندها يمكن أن تنتهج هذه الشركات روتينياً الإصلاح الإداري الذاتي، من منطلق خوف المساهمين على مصلحتهم، وبالتالي سيتراجع الفساد والترهّل، وتتبع أسلوب التحديث الذاتي الذي ينشد الربح وتحسين جودة المنتج والخدمة.
قد يكون جزء من التفكير السوريالي منطلقه الواقع ومادته الأولية التجربة الحية، لكن هناك مساحات من الحلم يمكن استغلالها في الواقع.
سامية يوسف
Samiay56@gmail.com