مظاهرة حاشدة في اسطنبول ضد سياسات أردوغان الاستبدادية
شهدت مدينة اسطنبول التركية، أمس، مظاهرة كبيرة ضد سياسات رئيس النظام رجب طيب أردوغان الداخلية والخارجية والاستبداد الذي تنتهجه حكومته بحق الشعب التركي.
وشارك في المظاهرة آلاف الشباب والعمال والموظفين تلبية لنداء من حزب الكادحين، الذي ناشد كل “القوى الديمقراطية” في البلاد للنضال المشترك ضد سياسات أردوغان التي أثقلت كاهل المواطنين الأتراك نتيجة ارتفاع الأسعار والضرائب التي تفرضها حكومته باستمرار.
وارتفعت حالات الانتحار بين صفوف الشباب التركي جراء سياسات أردوغان الاقتصادية، التي أفقدت الليرة التركية أكثر من 40 بالمئة من قيمتها، وأوصلت معدلات البطالة إلى مستويات عالية.
ويواصل نظام أردوغان حملات القمع ضد معارضيه في مختلف المدن والمناطق التركية بحجة محاولة الانقلاب، حيث اعتقل على مدى السنوات الماضية آلاف الأشخاص من مدنيين وعسكريين فضلاً عن فصل أو إيقاف عن العمل بحق نحو 150 ألفاً من العاملين في الحكومة والجيش وسلك القضاء والتعليم ومؤسسات أخرى.
وفي خطوة يراها محللون أنها امتداد لحملة ممنهجة، يسعى أردوغان لتصفية حساباته مع خصوم سياسيين منشقين من حزبه كانوا في وقت ما أقرب حلفائه، لكنهم اليوم يستعدون لتشكيل أحزاب قد تنهي هيمنة حزب العدالة والتنمية، وذلك عبر اتهامهم بالاحتيال على “بنك خلق” المملوك للدولة.
ولفتت وكالة بلومبرغ إلى أن توقيت الاتهامات يأتي، بينما يستعد رئيس وزراء النظام السابق أحمد داوود أوغلو ووزير الاقتصاد السابق علي باباجان لإطلاق حزبين سياسيين في مسعى لوضع نهاية لحكم أردوغان المستمر منذ 17 عاماً.
وذكرت الوكالة أن أردوغان لم يقدّم دليلاً على اتهامات باحتيال جامعة “اسطنبول شهير” على البنك على صلة بقرض قيمته 417 مليون ليرة (72 مليون دولار).
واتهم أردوغان باباجان ووزير الاقتصاد السابق أيضاً محمد شيمشك بالتوقيع على مرسوم مشبوه بتخصيص أراض مملوكة للدولة، للجامعة.
تجدر الإشارة إلى أن داوود أوغلو هو أحد مؤسسي الجامعة المتعثّرة في سداد القرض، وأقام البنك دعوى ضد الجامعة في محاولة لاسترداد الأموال، كما تمّ تجميد أصول الجامعة.
ونفى داوود أوغلو صحة الاتهامات، مطالباً أردوغان وعائلته، بالكشف عن ممتلكاتهم وأي أصول اكتسبوها خلال المسيرة السياسية لرئيس النظام.
ولم يعلّق باباجان على الاتهامات، وقد استقال الوزير السابق من حزب العدالة والتنمية في تموز الماضي بسبب خلافات عميقة حول سياسات أردوغان التي يراها المنشقون عن الحزب أنها لا تتماشى ومصلحة تركيا سياسياً واقتصادياً.
وتعيش تركيا في السنوات الأخيرة تراجعاً اقتصادياً أضر بالليرة التركية وبالحياة اليومية للأتراك على وقع أزمات سياسية متناثرة نتجت عن سياسة أردوغان التي ينتقدها محللون يرون أنها لا تتناسب مع مصلحة الدولة.
ويسعى باباجان الذي شغل منصبي وزير الاقتصاد ووزير الخارجية قبل أن يشغل منصب نائب الرئيس عام 2009، إلى إنشاء حزب سياسي جديد لإضعاف حزب أردوغان ووضح حد لسياساته أو الدفع نحو إنهاء حكمه.
بدوره أعلن داوود أوغلو، الذي انشق عن حزب أردوغان في أيلول الماضي، بسبب يقينه أن الحزب لم يعد قادراً على حل مشكلات تركيا، أنه بصدد تأسيس حزب جديد منافساً للحزب الحاكم.
وشغل داوود أوغلو منصب رئيس الوزراء بين عامي 2014 و2016 قبل أن يختلف مع أردوغان.
ووجّه هذا العام انتقادات حادة لرئيس النظام التركي والإدارة الاقتصادية لحزب العدالة والتنمية، واتهمهما بإلجام الحريات الأساسية وحرية الرأي.
ويسعى المنشقون عن حزب العدالة والتنمية، لتصحيح المسار السياسي ولتشكيل جبهة سياسية منافسة للحزب الحاكم والقطع مع سياسات أضرت تركيا سياسياً واقتصادياً.
ويحكم أردوغان تركيا منذ نحو 17 عاماً، وسببت سياساته وتفرّده بالقرار، تمرد ركائز العدالة والتنمية وانشقاقهم، وسعيهم إلى تكوين جبهة سياسية منافسة يرى فيها محللون السبب الذي سيقود حزب أردوغان إلى الانهيار ولو على المدى البعيد، خاصة إذا ما كونت هذه الجبهة المنافسة تحالفات سياسية.