ثقافةصحيفة البعث

عبد اللطيف فتحي.. العلامة الفارقة الثانية في المسرح السوري

لأنه فنان كبير ملأ حياتنا بأعماله المسرحية والتليفزيونية والسينمائية والإذاعية تأتي أهمية كتاب “عبد اللطيف فتحي رائد المسرح الشعبي” للباحث أحمد بوبس والصادر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب، ورأى الباحث أن عبقرية فتحي انبثقت من قلب معاناة شديدة القساوة في مجتمع كان لا يرحم يحتقر الفن والفنانين إلا أن فتحي – كغيره من رواد المسرح- قاوم بشراسة فعانى الجوع والتشرد وصمم حتى خضعت له الإرادة وجعل من التمثيل مهنة راقية ومن الممثل رجلاً محترماً في مجتمعه، مبيناً بوبس في كتابه أن رحلته مع الكتاب كانت طويلة فقبل أن يخط أي حرف فيه عكف على مشاهدة أعمال فتحي المسرحية والتلفزيونية والسينمائية والاستماع إلى أعماله الإذاعية بهدف الوصول على أدق التفاصيل والمعلومات عنه، منوهاً إلى أن المصدر الرئيس له في وضع الكتاب كان البرنامج الإذاعي “رحلة الأربعين سنة” الذي وصل عدد حلقاته إلى مئة وعشرين حلقة ومدتها ثماني ساعات وفيه روى من خلاله فتحي سيرته الحياتية والفنية على امتداد ما يزيد عن نصف قرن.

البدايات

بدأ عبد اللطيف فتحي أولى خطواته على طريق الفن عام 1931 عندما انتسب إلى نادي “دار الألحان والتمثيل” الذي أسسه وكان يديره الفنان عبد الوهاب أبو السعود وكان يضم عدداً من الفنانين الكبار مثل عازف العود عمر النقشبندي، وأول مرة أتيح له الوقوف على خشبة المسرح ممثلاً كانت في مسرحية “البدوية الجميلة” ثم سرعان ما اشترك بكل المسرحيات التي كانت تقدمها الفرقة وكانت مسرحيات تاريخية باللغة العربية الفصحى، وفي عام 1932 انتقل عبد اللطيف إلى فرقة “إيزيس” التي أنشأها جودة الركابي بسبب قلة أعمال “دار الألحان والتمثيل” بسبب سفر مؤسسها إلى باريس لدراسة الرسم واستمر يمارس نشاطه الفني بين الفرقتين حتى عام 1934 وهو العام الذي ظهرت فيه ثلاث فرق مسرحية محترفة: أمين عطالله، عطية محمد وعبد الحميد رشدي، حسن حمدان وتنافست الفرق الثلاث على تقديم المسرحيات المصرية للفنان نجيب الريحاني وفي تلك الفترة شارك عبد اللطيف مع فرقة أمين عطالله في بعض عروضها وكانت عينه على فرقة حسن حمدان الفرقة الأكبر في سورية وكان اسمها الرسمي “فرقة التمثيل العربي” ليتحقق حلمه بالانضمام إليها ومن ثم بفرق أخرى كان أهمها فرقة ناديا العريس أهم وأكبر الفرق المسرحية التي شهدتها دمشق في النصف الأول من القرن العشرين، وقد أسند إليه إدارتها ليستمر عمله فيها نحو خمس سنوات، وفي عام 1946 كون عبد اللطيف فرقته “الفرقة الاستعراضية” وكانت تقدم مسرحيات وفواصل غنائية وفكاهية ثم ما لبث أن غير اسمها إلى فرقة “عبد اللطيف فتحي” واكتفى بتقديم المسرحيات ذات الفصول الثلاثة، استمر نشاط الفرقة عشر سنوات جال بعروضها المدن السورية ولبنان وفلسطين والعراق والأردن، وفي الخمسينيات وبعد توقف العديد من الفرق عن العمل تشكل تجمع فني “جمعية المسرح الحر” وانضم إليه عبد اللطيف وقدم من خلاله العديد من المسرحيات كمخرج ومؤلف وممثل، وحين تأسس مسرح العرائس بشكل رسمي 1960تسلم إدارته كما قام بإخراج عشر مسرحيات فيه وست مسرحيات مع المسرح القومي ما بين عام 1967-1979 أهمها: البخيل، الملك لير، السعد.

بعيداً عن المسرح

جاء في الكتاب أن عبد اللطيف فتحي لم يكن من الرواد الأوائل في التلفزيون مثل دريد لحام ونهاد قلعي لانشغاله بالمسرح والملاحظ أن تعامله مع التلفزيون اقتصر على نحو عشر سنوات من مسيرته الفنية التي زادت عن أربعين عاماً حيث شارك في خمسة مسلسلات هي: الدولاب، صح النوم، ملح وسكر، انتقام الزباء، حامض حلو، الحب والشتاء، كما شارك في بعض التمثيليات والمسرحيات التلفزيونية وبعدد من الأفلام السينمائية أهمها: سائق الشاحنة، عندما تغيب الزوجات، صح النوم.

” بدري أبو كلبشة”

ختم الباحث الكتاب بشهادات لفنانين عملوا مع فتحي وقد جاء في شهادة  الفنان دريد لحام: “أبو خليل القباني كان علامة فارقة في المسرح السوري بشكل خاص والمسرح العربي بشكل عام، وأرى أن عبد اللطيف فتحي كان العلامة الفارقة الثانية لأنه طور المسرح الشعبي وجعل الناس تقبل عليه لأنه طرح في مسرحياته مسائل تهم الناس وتمس نبضهم، بالإضافة إلى الابتسامة الجميلة التي كان يزرعها على وجوههم. له الفضل في إحياء المسرح الشعبي بعد أبي خليل القباني.. كنت قريباً منه جداً في مسلسل “صح النوم” الذي حل فيه مكان الفنان فهد كعيكاتي حيث قبل الدور بود وأدى دور “بدري أبو كلبشة” فرسم الشخصية لوحده وكانت توازي كل الشخصيات الأخرى “أبو عنتر- غوار الطوشة- حسني البورظان- ياسينو.

أمينة عباس