مكتب التشغيل يسهم في تنمية الوحدة الإدارية
منذ عقود مضت يوجد مكتب تشغيل لدى كل مديرية من مديريات الشؤون الاجتماعية والعمل في المحافظات، تقتصر مهمته على تسجيل طالبي العمل – من مختلف الشهادات والكفاءات- في الإدارات العامة، ومن ثم ترشيحهم للعمل في الجهات العامة وفق أفضليات، ورغم آلاف فرص عمل التي أمنتها هذه المكاتب، لازالت سجلاتها تضم عشرات الآلاف، المعلقة آمالهم في الحصول على فرصة العمل المنشودة عندهم، وأغلبهم يعملون في القطاع الخاص أو الأهلي، وبالتوازي مع احتواء هذه السجلات أسماء آلاف طالبي العمل الذين بعضهم غير عاطل فعليا، نفتقد وجود سجلات موازية تتضمن أسماء الحيازات الزراعية والمنشآت العاطلة فعليا، رغم وجودها بالآلاف في كل محافظة.
انسجاما مع مهام وحدات الإدارة المحلية وأهدافها المبينة في قانونها وتدعيما لتطلعاتنا الطموحة في تنفيذ الإصلاح الإداري المنشود، أرى أن واقع الحال يجعل من المناسب وقف عمل مكاتب التشغيل لدى وزارة الشؤون الاجتماعية، وقيام وزارة الإدارة المحلية بإحداث مكاتب مماثلة وأكثر حداثة في كل وحدة إدارية- مع الاستفادة من محتويات سجلات المكاتب السابقة- تتولى مطالبة الأهالي المقيمين، بتوجيه أبنائهم العاطلين عن العمل، للتسجيل في هذه المكاتب، وفق جداول أو استمارات تتضمن معلومات شخصية ومهنية وعلمية، وأكثر من رغبة في نوع العمل ومكانه لكل طالب عمل، بالتوازي مع المطالبة بتسجيل الحيازات الزراعية، والمنشآت الحرفية والصناعية والتجارية والخدمية المتعطلة جزئيا أو كليا عندهم، واقتراحاتهم الفعالة لتشغيل المعطل، وإحداث الجديد المتوقع تحقق جدواه الاقتصادية المتوخاة من إحداثه، على أن تصب معلومات هذه المكاتب في فرع تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة الموجود في كل محافظة، بحيث تكون الوحدة الإدارية هي المعني الأول في تحقيق أعلى مستوى تشغيل لأبنائها ومنشآتهم في وحدتهم الإدارية، وعبر تقاطعاتها مع الوحدات المجاورة، ووحدات باقي المحافظة، بالتنسيق مع فرع تنمية المشروعات، الذي بدوره يرتبط مع جميع الإدارات العامة في المحافظة، لترشيح عاملين لها عند الطلب وفي ضوء الأفضليات المعتمدة، على غرار ارتباط مكتب تشغيل مديريات الشؤون الاجتماعية سابقا، ما يؤسس لتحقق تشاركية مدروسة، بين وحدات الإدارة المحلية ضمن كل محافظة، وبينها وبين الهيئة العامة لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، المعنية رسميا بذلك، ما يساعد في التأسيس لمزيد من المعالجات التي تسهم في تحقيق تنمية فعلية لهذه المشروعات، عبر الحد من كافة معوقات العمل، وقد يكون من المفيد جداً أن يتم استثمار أولِّي لنتائج تعداد المنشآت الشامل الذي تم تنفيذه مؤخرا في خمس محافظات، على أن يترافق ذلك بالتحضير لإنجاز مماثل في المحافظات الأخرى.
وحبذا ألا يغيب عن بال وحدات الإدارة المحلية وهيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، الأخذ بعين الاعتبار أن الاهتمام بتشغيل الأيدي العاملة الطالبة للعمل، مرتبط أشد الارتباط بتشغيل الحيازات الزراعية والمنشآت المتوقفة عن العمل في قطاع الوحدة، بما في ذلك إحداث المطلوب والممكن، إذ من المتوجب ألا يكون من حق أحد تعطيل استثمار ما يملك، والتكاسل عن تشغيله، وتوصيف نفسه متعطلا، والبحث عن العمل في الدولة أو في استثمارات الآخرين، تحت أية حجة كانت، ما يوجب على المعنيين بذل المزيد من الجهود لتشغيل المنشآت القائمة المعطلة جزئيا أو كليا، وبأولوية على إحداث الجديد على أن يكون الجديد المطلوب مكملا لا بديلا، مع الأخذ بعين الاعتبار أحقية الوحدة الإدارية وهيئة المشروعات، استثمار أية منشأة معطلة على حسابها بمقابل رمزي، أو عرضها على الاستثمار بالعرض الفائز، حال لم يقم صاحبها باستثمارها بنفسه، شريطة أن يلقى صاحبها العون المطلوب، حال احتاج ذلك عند عزمه الفعلي على استثمارها.
من المؤكد أن مكاتب التشغيل هذه ستتطلب تشغيل أيد عاملة جديدة في كل وحدة إدارية يتناسب عددها مع حجم قطاع الوحدة الإدارية بدءاً من عامل واحد في البلديات الصغيرة وبأكثر من ذلك في البلدات فالمدن، وأيضا ستتطلب تعيين كوادر عمل جديدة في فروع هيئة التنمية في المحافظات، وسيترتب على ذلك نفقات، ولكن النتائج اللاحقة المأمولة، ستضمن تحقيق عوائد وطنية وأسرية كبيرة، تعادل آلاف أضعاف أجور العاملين الجدد، ومن الجدير بالذكر التذكير بأهمية أن يكون اختيار العاملين في هذه المكاتب من خريجي المعاهد الإحصائية والإجازات الجامعية اختصاص إحصاء.
عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية