حكومات الفساد في الكيان الصهيوني
ريا خوري
ما زال الكيان الصهيوني ومعه العالم يشهد فضائح الفساد التي لازمت حكَّامه منذ قيامه وحتى اللحظة الراهنة. وما زالت فضائح الفساد تنتشر كالنار في الهشيم في بنية الكيان، كان آخرها جرائم الفساد التي ارتكبها مجرم الحرب بنيامين نتنياهو، وأدّت في الآونة الأخيرة إلى احتجاجات واسعة تطالب باستقالته واستقالة الحكومة. وأهم التهم التي قام بها نتنياهو هي تلقي الهدايا والرشاوى من رجال أعمال، مقابل الكثير من التسهيلات الخارجة عن قوانين الكيان وتشريعاته والتي تخدم مصالحهم التجارية والصناعية. تلك الاتهامات قد تؤدي إلى رمي نتنياهو خلف قضبان السجن وإسقاط حكومته في حال إثباتها. فقد كانت شرطة الكيان الصهيوني (شين بيت) قد أوصت بتقديم لائحة اتهام ضد بنيامين نتنياهو في قضيتي الفساد المعروفتين بالملف رقم (1000) والملف رقم (2000) بعد أن جمعت الأدلة الكافية لإدانته، كان ذلك في 20 شباط من العام الماضي 2018.
لم يكن نتنياهو هو الحالة الوحيدة أو الاستثنائية في الساحة السياسية في الكيان، فقد سبقه في دورة الفساد كلّ من رؤساء الوزراء السابقين أيهود أولمرت، وأرئيل شارون، كما طال الفساد عشرات الوزراء وأعضاء الكنيست ورؤساء البلديات والمجالس المحلية. فقد اتُهم مجرم الحرب أرئيل شارون بقبض مئات الآلاف من الدولارات كرشوة من رجل الأعمال الإسرائيلي (ديفيد أبيلو)، حيث عُرفت القضية باسم (قضية الجزيرة اليونانية). كما حُكِم على إيهود أولمرت رئيس وزراء الكيان الأسبق بين عامي 2006 و2008 بالسجن 19 شهراً، بتهمة خيانة الأمانة والاحتيال، في فضيحة عُرِفت باسم (قضية هولي لاند).
كما تمّت إدانته مجدداً في عام 2012 بأخذ مبالغ طائلة من القائمين على مشروع الإسكان في القدس المحتلة، حيث شغل وقت ذاك منصب رئيس بلدية القدس، قبل أن يصبح رئيس وزراء الكيان. ثم تمّت إدانته في عام 2015 بتلقي رشوة مالية وعقارات عُرفت بقضية (تالانسكي)، إذ شهد ضده في المحكمة رجل الأعمال الأمريكي، موريس تالانسكي، بأنه أعطى أولمرت أموالاً.
أما أرييه درعي الذي شغل منصب وزير الداخلية في تسعينات القرن الماضي، فقد أدين بتلقي أموال طائلة واتُهم بالاحتيال وتزوير وثائق في أثناء عمله بوزارة الداخلية، وخيانة الثقة العامة في عام 1999 وسجن لمدة عامين. كذلك أفيغدور ليبرمان الذي اتُهم في أواخر عام 2012 بضلوعه في غسل الأموال والاحتيال، وخيانة الأمانة، والعبث بتصريحات الشهود لتبرئته.
أما موشيه كتساف الذي تسلّم رئاسة الكيان الصهيوني عام 2000 فقد تمّت إدانته من قبل بعض النساء اللواتي اشتغلن في الديوان الرئاسي، وتحدثن عن اعتداءات جنسية، حيث حكم بالسجن لمدة سبع سنوات قضى منها خمس سنوات وأطلق سراحه.
أما بنيامين نتنياهو فقد تمكنت وحدة مكافحة الفساد في الشرطة الإسرائيلية
(الشاباك) ضمن سلطة (لاهاف 433) والمسؤولة عن التحقيق مع المسؤولين رفيعي المستوى، من انتزاع اعترافات كان قد اقترفها. وكان مجرم الحرب نتنياهو قد خضع للتحقيق في جرائم فساد من قبل لجان جنائية في العام 1997، أثناء توليه رئاسة الوزراء في المرة الأولى باتهامات الاحتيال وخيانة الثقة. فقد قام بتعيين مدعٍ عام كان قد أوكل له مهمة توفير معاملة تفضيلية لحليف سياسي، وبعد عامين تمّ التحقيق مرة أخرى مع نتنياهو بتهمة الاحتيال حول متعاقد مع الحكومة.
كما تمّ توجيه لائحة اتهام ضد بنيامين نتنياهو في قضايا عدة، كان أخطرها قضية (4000) أو ما بات يُعرف بقضية موقع (واللا العبري)، حيث قدّم نتنياهو رشوة مالية ضخمة لشاؤول ألوفيتش مالك الموقع وصاحب شركة بيزك للاتصالات، مقابل تغطية جيدة ومستمرة لمنجزات نتنياهو وكل شيء يخدم مصالحه على موقعه (واللا عبري).
إنَّ مجرى الاتهامات والتحقيقات جاء في وقت حسّاس جداً في مجال العمل السياسي في الكيان الصهيوني، خاصة وأن الكيان يعاني من أزمة بنيوية تشمل الوزارات والهيئات والمؤسسات، فقد ساد عدم الاستقرار ولاسيما بعد عمليتي الانتخابات، والتي ما زالت الأزمة تحتل الصدارة في المشهد السياسي الصهيوني.
إن الإقرار بالذهاب قسراً إلى انتخابات ثالثة سيشكّل ذلك دافعاً قوياً لكل من (بيني غانتس) و(أفيغدور ليبرمان) في الانتخابات القادمة، وهو ما قد يقود إلى إمكانية حدوث حالات من التمرد على نتنياهو ورفضه من داخل حزب الليكود الذي يتزعمه، وذلك وفقاً للوائح الاتهامات. الواضح تماماً أن نتنياهو لن يتمكن من الخروج من الأزمة بسلام وخاصة في ظل تلك الظروف الصعبة.