الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

احتفالية الثقافة والمحبة..!

 

 

 

 

حسن حميد

بلى،لم تكن احتفالية اتحاد الكتّــاب العرب بعيده الذهبي احتفالية عابرة، في ظروف توصّف بأنها من أقسى الظروف التي تمرُّ بها المشاهد الثقافية العربية من حيث العزلة، والانفراد، والقطيعة، وعدم التواصل، والرضا بالأحياز الجغرافية التي حزّها المستعمرون المرة تلو المرة، وإنما كانت احتفاليةً عربية حاولت، قدر استطاعتها، أن تجمع المثقفين والأدباء العرب في بيت العروبة دمشق، وكان حضورهم من أقطار عربية عدة مدعاة للسرور والبهجة الثقافيين، وشكلاً من أشكال كسر العزلة التي فُرضت على الكثير من البلدان العربية، بحيث غدا الكتاب العربي مشدوداً إلى قيد القطرية، مثلما غدا الكاتب العربي مشدوداً إلى معروفية محلية فحسب، والحق أنه لولا بعض الصداقات، وما تحاوله بعض معارض الكتب الجوّالة، وبعض وسائل التواصل الاجتماعي لكانت العزلة طامة بعتمتها وغموضها، وقسوتها الظالمة. احتفالية اتحاد الكتّــاب العرب، كانت احتفالية عربية وعالمية لأن الحضور الثقافي العربي والدولي كانا جيدين، وما صَاحَب الاحتفالية من ندوات، ومهرجانات، وأمسيات فنية، ومن زيارات كان دلالة وافية على الحماسة التي احتشدت بها صدور الأدباء والكتّــاب والمبدعين الذين أنشدوا أشعارهم المشدودة إلى الكل لا إلى الجزء، وإلى القوة لا إلى الضعف، وإلى الحق لا إلى الباطل وطيوفه، فرأينا دمشق، طفلة الزمان الماضي والحاضر، تتوهج ضوءاً ونوراً ومحبة حين تعاد إليها صحائف التاريخ، والثقافة، والعروبة، والوحدة، والمجد، وهي صحائف ثمينة، وحين تعاد إليها كل ما عرفته الفروسية العربية من اشتقاقات وإبداع وتأليف وفنون وعلوم وانتصارات! خلال أيام الاحتفالية تجلت حال التعاون المثمر ما بين وزارة الثقافة واتحاد الكتّــاب العرب ووزارة الإعلام في حال من المساهرة الوطنية الباذخة في معانيها وجمالها، كما تجلت روح المحبة والمودة لدى كتّــاب سورية الذين جاؤوا من جميع المحافظات السورية للترحيب بضيوف الثقافة السورية من البلدان العربية والبلدان الصديقة، وكانت مشاركة الجميع في الفعاليات الثقافية بهجة من الفرح والجذل المعرفيين، وكان الطواف في شوارع دمشق نهاراً وليلاً متعة غالبها الضيوف بالدموع وهم يستذكرون ما حدث خلال السنوات التسع الماضيات، وما جرى من أذيات حاولت بقبحها الأسود أن تنال من جمال مدينة دمشق وضواحيها الباسمات، وبساتينها العامرات. وكانت الحوارات بين الأدباء الضيوف والأدباء في سورية غنية بالحديث عن أجناس الأدب، والصحف والمجلات الثقافية، وعن الأعلام/ الأدباء وما أضافوه، وعن الجوائز الأدبية بحسناتها وسيئاتها، وعن الأحوال الثقافية العربية، وما فعلته أيدي الساسة من تقطيع لوحدة المشهد الثقافي العربي بسبب التبعية للأقوياء مرة، وبسبب الشعور بالضعف أمام هجمة الأعداء مرة، والدعوات الخافتة والعالية من أجل التطبيع مع العدو الصهيوني، وفي طالعه التطبيع الثقافي عن طريق الترجمة، والمهرجانات، والزيارات، ومنح الجوائز.. كانت جوهرة اللقاءات لقاء السيد الرئيس بشار الأسد فاتسمت الحوارات، بالجدية والمستوى الثقافي العالي الذي يؤكد على أهمية الثقافة العربية ودورها السحري في تكوين رأي عام يدور حول المقاومة وليس حول الاستسلام، وحول المستقبل المشرّف لا حول الماضي الذي أصابه الوهن والضعف، وحول المجد والرفعة لا حول الرضا الكذوب بالتبعية للآخر، أو الرضا بالأدوار الثانوية الباهتة.
احتفالية اتحاد الكتّــاب العرب احتفالية ثقافية تعيد المجد للثقافة العربية الواحدة الموحِّدة، وتعيد للكاتب العربي زهو الحضور والمكانة والدور في ظل مسؤوليات وطنية مشدودة إلى القيم النبيلة، واللغة العريقة، والإبداع الأصيل، والمهم أيضاً أن ضيوف الاحتفالية عادوا إلى بلدانهم مبللين بنداوة دمشق، ومحبة أهلها، وهم يحملون في صدورهم قولة السوريين: هذه بلاد حماها الله، والنصر معقود على جبينها، وكذلك الكبرياء!

Hasanhamid55@yahoo.com