ترامب الغشاش.. قراءة في كتاب
هناء شروف
مع استلام دونالد ترامب مهامه رسمياً في البيت الأبيض في كانون الثاني 2017، بدأت الصحافة الأمريكية تراقب بشكل مكثف طريقة إدارته للسياسة الخارجية، أو حتى آلية عمله مع أركان إدارته داخل البيت الأبيض، ومع انتهاء العام الأول من فترة ولايته التي شابتها استقالة العديد من المسؤولين، بدأ الصحافيون الأمريكيون بإصدار الكتب التي تتحدث عن طريقة إدارة ترامب للبيت الأبيض، وتكشف المزيد من الأسرار ليصل عدد الكتب التي تناولت ترامب خلال العامين الماضيين إلى سبعة كتب من أهمها كتاب ريك ريلي ” قائد في الغش … كيف تشرح لعبة الغولف شخصية ترامب؟” الذي يكشف فيه الكاتب علاقات الملياردير الأمريكي المعقدة مع لعبة الغولف، مظهراً جهوده “شبه البطولية” في الكذب بشأن النقاط التي يحصل عليها من أجل “تحطيم منافسيه”.
اعتمد ريلي في إعداد كتابه على إجراء أكثر من مئة مقابلة مع أشخاص من محبي لعبة الغولف، وخاصةً أولئك الذين لعبوا سابقاً مباريات مع ترامب. خلال تلك المقابلات أخبره هؤلاء الأشخاص عن الطرق التي يستخدمها ترامب في الغش أثناء المباريات باستعانته أحياناً بوكلاء الخدمة السرية للفوز في المباريات، والأخبار التي يرويها لهم عن البطولات التي فاز بها في هذه الرياضة، وادعائه الدائم بأنه لا يخسر أبداً.
ينقل ريلي في كتابه، عن أشهر لاعبي الغولف في الولايات المتحدة، جاك نيكولاس، قوله: إن ترامب حاول الغش أمامه بتغيير درجات الطرفين المسجلة عن اللعبة. وقال: “إن اللاعبين الذين نافسوا ترامب مؤخراً، يعلمون أن أشهر لاعب غولف في العالم يدعى تايغر وودز، وهذا الأخير لو لعب ضد ترامب سيتضرر من أساليب الغش والخداع التي يتخذها الأخير.
ومن بين الاتهامات الموجهة لترامب، استبدال إحدى الكرات خلال اللعب، بكرة أخرى، حتى أن ترامب سوف يغشك في ملعب الغولف ثم يشتري لك وجبة غداء. وحسب ريلي، فإن الرئيس الأمريكي “أسوأ غشاش على الإطلاق ولا يعبأ بمن يعلم عنه ذلك”.
تأتي أهمية الكاتب ريك ريلي أنه عرف ترامب عن قرب لمدة ثلاثين عاماً. واستناداً إلى هذه الخبرة الطويلة يقول: ريلي إن لعبة الغولف “تكشف الكثير من القبح في هذا الرئيس”، فهذه الرياضة هي “لعبة التنظيم والانضباط الذاتي، وهي لعبة أمينة غير أن هذا الرجل (ترامب) ترك لطخة قبيحة كبيرة عليها”.
اتصل ريلي باتحاد الغولف الوطني الأمريكي للاستفسار عن قوانين اللعبة، وكان رد الاتحاد إن 90 في المئة من لاعبي الغولف لا يغشون، لأن الغولف لعبة أمينة غير أن هذا الرجل ترك وصمة على اللعبة.
يقول ريلي: إنه ذات مرة تحدى ترامب أن يلعب معه الغولف مقابل 100 ألف دولار بشرط أن تكون هناك كاميرا تتابعهما أثناء اللعب، لكن الرئيس الأمريكي لم يستجب للعرض.
ومن بين ما يكره الكاتب في ترامب هو أنه جعل من الولايات المتحدة بلداً غبياً، ويكره أيضاً ما يفعله (الرئيس الأمريكي) بكوكبنا، حسب الكاتب، وبالأطفال الصغار على الحدود.
يقول ريك ريلي وهو يصف رجلاً عرفه منذ 30 عاماً: “دونالد ترامب هو أسوأ مخادع على الإطلاق ولا يهتم بمن يعرف. أقول دائماً أن الغولف يشبه سراويل الدراجات، فالسراويل تكشف الكثير عن الرجل، والغولف يكشف الكثير من القبح في هذا الرئيس”.
وأنت تقرأ الكتاب تشعر بمتعة جيدة تدور حول النفاق المذهل للرئيس باعتباره لاعب غولف. يقول ريلي: “أخبرني الدكتور لانس دودس، وهو طبيب نفسي بجامعة هارفارد، إن ترامب “رجل مريض للغاية” “يعاني جميع سمات اضطراب الشخصية النرجسية”. ورداً على الطبيب يتنهد ريلي، ثم يقول: “إنه لأمر فظيع أن يخادع ويغش في لعبة الغولف التي تعد الرياضة الوحيدة التي ننظمها بأنفسنا. هناك حكام في كل رياضة أخرى ولكن في لعبة الغولف لا يوجد، أنت حكم نفسك، إذا كنت على بعد 200 ياردة، فيمكنك ركل الكرة والركض معها. لعبة الغولف لعبة صادقة ولكن هذا الرجل يترك وصمة عار كبيرة عليها، إنه حقا يزعجني”.
ازداد غضب ريلي من ترامب وأصبح أكثر إثارة للاهتمام لأنهما حقيقة عرفا بعضهما البعض منذ فترة طويلة، ويعترف ريلي أنه كان يحب الملياردير، ويقول في كتابه: “لقد أحببته ككاتب لأنه رجل مخادع مجنون يروي الأكاذيب لدرجة كبيرة، إنه نسخة رائعة. إذا قال ترامب لي هل يمكن أن تكون هنا غداً لإجراء مقابلة سأفعل أي شيء للحصول على هذه المقابلة، لكن إذا اضطررت للعب الغولف معه مرة أخرى، ولم يكن ذلك لمقال ، فلن أشاركه اللعب”.
وعن بدء العلاقة مع ترامب، يقول ريلي: التقيته للمرة الأولى في أواخر الثمانينات في الملعب كانت أكاذيبه مرحة حتى أصبح أقوى رجل في العالم. عندها أصبحت أكاذيبه مخيفة. لا أعرف ما هي خطته لأطفالي وأحفادي. لا أعرف من الذي سيسدد هذا الدين الضخم الذي أنشأه لإعطاء رفاقه الصغار تخفيضاً ضريبياً. انظروا إلى ما فعله لقد أغضب اثنين من أفضل حلفائنا. إنه أمر مرعب “.
خداع ترامب حول إنجازاته في لعبة الغولف حفز ريلي على استئناف الكتابة. وقال: “لقد تقاعدت، وأعيش في إيطاليا لمدة ثلاثة أشهر في العام، وأشرب كامباري. ظللت أشاهده على تويتر يقول “أنا بطل، يجب أن تصوّت لي لأنني ربحت 18 بطولة للأندية”. هذه كذبة لأنه أخبرني بالفعل كيف فعل ذلك، لأنه كلما تفتتح دورة جديدة، فهو يلعب بمفرده ويعلن عن نفسه بطل النادي الأول. ومن إحدى كذباته أنه لم يكن حتى في المدينة عندما تم تحديد بعض البطولات، فهو ادعى أنه فاز ببطولة في ولاية نيو جيرسي عندما كان في الواقع في فيلي.
يختتم الكاتب، أن ترامب يحب تشويه سمعة أعدائه باعتبارهم خاسرين، وهذا ما يشير إليه السطر الأخير من كتاب ريلي الذي استشهد بقول لـ والده، أي الكاتب، “إذا خدعت الآخرين فأنت في النهاية تخون نفسك” لذلك أردت أن تكون الكلمة الأخيرة في الكتاب “إنه أكبر الخاسرين الذين قابلتهم على الإطلاق”.