دراساتصحيفة البعث

الإدارة الأمريكية لا تحفل بمعاناة الفنزويليين

 

ترجمة: علاء العطار
عن “ذي أميريكان كونزيرفاتيف” 20/12/2019

تعتزم إدارة ترامب تكثيف الحرب الاقتصادية الوحشية على فنزويلا في بداية العام الجديد، إذ ناقش كبار المسؤولين في إدارة ترامب مع كبار قادة “المعارضة الفنزويلية” خططاً “لزيادة الضغط” على الرئيس الفنزويلي المحاصر، نيكولاس مادورو، خلال العام المقبل.
استضافت وزارة الخارجية أربعة من أكبر أحزاب “المعارضة” في فنزويلا، بدءاً بجلسات فردية بدأت منذ وقت قريب قبل أن تتجمع جميع الأحزاب معاً. وقالت إحدى المصادر: إن الإدارة تخطط “لصب مزيد من الزيت على النار” عبر فرض عقوبات أقسى وأكثر تعقيداً، والتي من شأنها أن تعزل مادورو عن الدول التي تدعمه.
تشوب جميع سياسات الإدارة القسرية العيوب نفسها، أولها أن ترامب يضع نصب عينيه أهدافاً لا واقعية، ثم تراه يلجأ إلى الحرب الاقتصادية ليحاول عبثاً إجبار الطرف الآخر على الاستسلام، وعندما تفشل الحرب الاقتصادية في تحقيق أهدافها، تجده يصعّد من حدتها على أساس افتراض خاطئ يقول بأن خنق الشعب سيكسر عوده، وفي حين تتأهب الإدارة “لصب مزيد من الزيت على النار”، عليها أن تضع في الاعتبار أولاً من ستلتهم هذه النار، فتكثيف العقوبات الأمريكية لم يعجل في سقوط مادورو، ورأينا على مدى الإحدى عشر شهراً الماضيين الحكومة الفنزويلية تتكيف مع هذه العقوبات غايةَ النجاة، وأكثر شيء ستحققه هذه العقوبات هو زيادة صعوبة حصول الشعب على الغذاء والدواء، ولا يمكن للإكراه الاقتصادي أن يفرض النتيجة التي تسعى الإدارة إليها لأن المخاطر المترتبة على ذلك كبيرة للغاية، وهو أمر لن يقبله مادورو وحلفاؤه، وكل ما استطاعت الولايات المتحدة فعله بسياستها الحالية هو تعميق معاناة البلاد، وفرض مزيد من العقوبات على شعب يعاني أصلاً، لن تفلح في تحصيل التغيير السياسي الذي ترومه واشنطن، إنما سيؤذي، بل وسيقتل حتى أناساً أبرياء.
على الولايات المتحدة أن تشجع على التوصل إلى تسوية عبر المفاوضات، فكلما طال أمد حملتها المسعورة، طالت معاناة الأبرياء، لكن إدارة ترامب تتمسك بحرب اقتصادية مدمرة لأنها لم تتوقع أن تضع نفسها في هذا الموقف، فالرئيس يصدق وعود الصقور من الجمهوريين وقادة “المعارضة الفنزويلية” بأن هذا سيكون نصراً سريعاً، وها قد مرت سنة ولا يزال يتخبط بسياسة فشلت بالفعل.
في الأثناء، تزداد الأزمة الإنسانية في البلاد سوءاً باطراد: “يخلص التقرير إلى أن الاقتصاد الفنزويلي تضاءل بنسبة 25.5% هذا العام، ما يمثل خسارة تراكمية في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 62.2% منذ عام 2013، ويقول: إن التضخم الجامح يجعل تكلفة الغذاء والدواء وغيرهما من السلع الأساسية غير معقولة، ويشير التقرير إلى أن نقص الأموال والمؤن الحيوية يتسبب في ارتفاع مستويات سوء التغذية الحاد والقصور الغذائي بين الأطفال والنساء.
قدمت وكالة رويترز تقريراً عن انتشار سوء التغذية بين الأطفال الفنزويليين: “كشفت منظمة كارتياس في دراسة حديثة أجرتها في خمس ولايات فنزويلية والعاصمة كاراكاس، أن 16% من الأطفال تحت سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد وأن قرابة ضعف العدد يعانون من معدلات نمو منخفضة مقارنة بأعمارهم”.
واعترفت المندوب السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ميشيل باشيليت، أن “العقوبات الأمريكية الأخيرة ما زالت تؤثر سلباً على الاقتصاد والخدمات العامة في فنزويلا على جميع الصعد”.
عندما واجهت الحكومة الأمريكية أسوأ أزمة إنسانية في نصف الكرة الغربي، كان ردها اتخاذ إجراءات تضمن مفاقمتها، لا بل يبدو أنها لا تحفل بتهيئة ظروف معيشية أفضل للشعب الفنزويلي، فلو كان الأمر كذلك لتخلت عن حربها الاقتصادية وتجويع الأبرياء.