مخــاطـــــــــر تغيّـــــــــــر المنــــــــــاخ العــــــــــــالمي
ريا خوري
من الواضح أنَّ آثار المناخ باتت في تغيّر كبير وبات المناخ محسوساً في كل أنحاء الكرة الأرضية . فقد شهدت السنوات الأربع الماضية أكثر حرارة . كما أنَّ درجات الحرارة في القطب الشمالي وتحديداً في فصل الشتاء ارتفعت ثلاث درجات منذ عام 1990 .
كما أنَّ مستويات البحر ارتفعت وبدأت الشعاب المرجانية تموت . هذا الارتفاع بدأنا نلحظ آثاره المهددة على الحياة وعلى الصحة العامة لسكان الكرة الأرضية . فالهواء بات ملوثاً وموجات الحرارة في تزايد مستمر ومخاطر الأمن الغذائي بدأت تتسع. وهكذا تصاعدت المخاوف من الأضرار التي يحدثها تغير المناخ . فقد وصف الأمين العام للأمم المتحدة انطونيوس غوتيراس في قمة المناخ بمدريد في اسبانيا التي عُقِدَت في الفترة من 2 إلى 13 كانون الأول 2019 🙁 أننا نمر في مرحلة صعبة وأنها نقطة اللا عودة ).
والمعروف أنَّ قمة مدريد هي المؤتمر السنوي 25 للدول المشاركة في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية الخاصة بتغير المناخ وهو التأكيد على تنفيذ اتفاق باريس الهادف إلى الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية كي تصل إلى معدل أقل من مستوى ما قبل الصناعة. وبعد توقيع اتفاقية باريس توقع قادة العالم حدوث تراجع ملحوظ في معدلات انبعاث الغازات الدفيئة التي تسبب بشكل مباشر في الاحتباس الحراري.
لكن الأمر لم يحدث كما كان متوقعاً . ففي عام 2019 ينتهي عقداً من الحرارة العالمية الاستثنائية ، ومن الزيادة الكبيرة في معدلات ذوبان الجليد. وارتفاع مستوى سطح البحر بسبب انبعاث الغازات الدفيئة بشكل غير مسبوق وكان الأعلى على الإطلاق كما وصفته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في بيانها حول المناخ العالمي الذي تم الإعلان عنه في قمة مدريد حيث من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة بنسبة 2 إلى 3 درجات مئوية هذا القرن.
إنَّ الارتفاع في درجات الحرارة من شأنه أن يعرِّض مليارات الأرواح من المخلوقات للخطر جراء الحالات المناخية القاسية المدمرة.
ويعمل على إهلاك النظم الايكولوجية وذوبان الصفائح الجليدية مثلما يحدث في غرينلاند وغرب القارة القطبية الجنوبية، وهذا يؤدي إلى ارتفاع منسوب مياه البحر متعدد المستويات ويعمل على تهديد المجتمعات الساحلية في جميع أنحاء العالم. وبخاصة نيويورك ولندن وطوكيو.
من هنا يتبين بعد طرح الحقائق أنَّ الانبعاثات الحرارية تحتاج إلى الانخفاض بنسبة 6ـ 7% كل عام في العشر سنوات المقبلة. وسيتطلب الأمر من معظم دول العالم الصناعي رفع التزاماتها قبل الاجتماع القادم المقرر عقده في غلاسكو في شهر كانون الثاني المقبل 2020 .
أما قمة مدريد فتعدُّ نقطة الانطلاق للعام 2020 وهو الأكثر أهمية بالنسبة لأزمة المناخ العالمية منذ توقيع اتفاق باريس عام 2015 والتي تهدف إلى الوصول إلى تثبيت تركيزات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي ، ليصل عند مستوى يسمح للنظام البيئي بأن يتكيف مع تغير المناخ بصورة طبيعية وبالتالي حماية البشرية من خطر يصل إلى ضرب الأمن الغذائي العالمي وهو النقص في الماء والغذاء. والسماح لآليات الحل أن تجد طريقها للتنمية الاقتصادية بشكلٍ مستدام.
لقد جاءت المبادئ العامة للاتفاقية من أجل الحق الكامل في العيش للأجيال القادمة ضمن بيئة سليمة صالحة وهو ضروري جداً ، ويتعيَّن على البلدان المتقدمة أن تأخذ الدور الرئيسي في مكافحة التغيير المناخي والآثار السلبية المترتبة عليه مقدرين ظروف البلدان النامية التي لن تتمكن من المساهمة بشكلٍ فعَّال في تحمل الأعباء.
لذا فإنَّ قمة مدريد تهدف إلى الوصول إلى ( صفر انبعاثات ) قبل قمة غلاسكو بخاصة موضوع التجارة الدولية في الكربون المعروفة بتجارة الانبعاثات بين الدول والتي تضمنتها المادة السادسة والتي تحتاج إلى آليات للإشراف على وضع جدول زمني محدد يوضح فيه موعد تقديم الدول خطط خفض الكربون في عام 2020.
ومن الجدير بالذكر أنَّ المفوضية الأوروبية تعتزم الإعلان عن قانون المناخ الذي يهدف إلى تحقيق الحياد المناخي لعام 2050 والذي يسعى إلى تحقيق التوازن بين انبعاث الكربون وامتصاص الكربون من الغلاف الجوي. إضافة إلى وضع خطة متكاملة حتى عام 2030 تصل إلى 50 بالمائة مقارنة بالعام 1990 .
لكن تلك القرارات لم تلق القبول بسبب معارضة بولندا والمجر والتشيك، إضافةً إلى أنًّ الولايات المتحدة مع دول الاتحاد الأوروبي أكبر ملوِّث للمناخ بسبب النشاط الصناعي المتسارع. وهنا ترى الدول المتقدمة أن من يساهم في ارتفاع معدلات التلوث هي الدول النامية ولا تقع على عاتقها دفع أية تعويضات مالية .
ولحل هذه المشكلة ناقش المجتمعون في قمة مدريد تحديد حجم الخسائر والأضرار وتحديد تكاليف كل دولة لتدفعها .
الواضح تماماً أنَّ هناك العديد من المعوقات، فقد انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاقية باريس وتغيَّبت عن المشاركة في كافة القمم الإقليمية والدولية على الرغم من خطورة الأزمة وهي خفض الانبعاثات الحرارية بنسبة 45 بالمئة بحلول عام 2030 وتحقيق ما بات يُعرف بالحياد المناخي .