أكبر من موضوع “محولات..”!؟
من حيث تدري ولا تدري، أثار موضوع توصية اللجنة الاقتصادية بالموافقة على استيراد عدد من محوّلات التوزيع، لمصلحة وزارة الكهرباء، زوبعة من الانتقادات الحادة على صفحة التواصل لرئاسة مجلس الوزراء، بعد نشرها للخبر مباشرة..!؟.
الانتقادات ركّزت على قضية الاستيراد في الوقت الذي يتم فيه إنتاج مثل هذه المحوّلات في سورية (صناعة وطنية)، مستهجنة ما يتم، في وقت لا تفتأ الحكومة تؤكد دعمها للمنتج والصناعة الوطنية، والمناداة بإحلال بدائل المستوردات، تطبيقاً للترشيد والتوفير بالقطع الأجنبي..إلخ.
ويتساءل مطلقوها: ما المبرر أن تقوم الحكومة نفسها بنقض توصياتها، والعمل بعكس قراراتها..!؟، علماً أن لدينا معملاً لإنتاج المحولات بكل الاستطاعات، وبمواصفات عالمية وحاصلاً على شهادات الجودة..!.
ضعوا عشرة خطوط تحت مواصفات وشهادات جودة…
في ظاهر الأمر تبدو الانتقادات موضوعية في ضوء ما تؤكده الحكومة وتصرّح به، لكن لو كنا منصفين وقلَّبنا الموضوع، لتبيّن لنا أن أصحاب تلك الانتقادات قد تسرّعوا بالرأي…!؟.
تسرّعوا أولاً -وهذا من نافل القول- لأنهم لا يعلمون حقيقة وطبيعة العلاقة التي تربط المصنّع لتلك المحولات مع الحكومة وأصحاب القرار فيها.
وتسرّعوا ثانياً، وهنا مربط الفرس والأهم في القضية، لأنهم لم يتقصَّوا ويسألوا: إن كانت تلك المحوّلات ومصنعها حاصلة على الترخيص الصناعي ومن أين..؟، وبالتالي حاصلة على شهادة مطابقة للمواصفات والمعايير، ومن أين أيضاً..؟!.
المعلومات الأولية التي وردتنا بعد المتابعة للأمر، تقول: إن مركز الأبحاث الصناعية التابع لوزارة الصناعة السورية، لا علم له بمثل تلك المحولات..، لأنها بالأصل لم تعرض عليه لتصدير تقريره بشأنها، بعد إجراء الاختبارات اللازمة، علماً أنه المعنيّ بإجرائها، أو من المفترض أن يكون معنياً..!؟. نقطة من أول السطر.
عدم علم مركز الاختبارات، يرجعنا إلى توصية وموافقة اللجنة، التي اشترطت في مضمونها، “حضور اختبارات لمواد تسليم CFR”، وهنا لا بدّ من حك رؤوسنا..!.
نتيجة الحكّ قادتنا بشكل أولي، إلى سؤال في غاية الإحراج للمُصَنِّع نفسه وبالآن معاً للحكومة وهو: إذا كانت تلك المحولات “الوطنية التصنع”، غير مقبولة البيع والشراء في بلد منشئها نفسه (هذا إن صح الكلام حول مواصفاتها العالمية وحصولها على شهادات الجودة..)، فأين يمكن أن تُباع، وبأي عين يمكن تسويقها داخلياً وخارجياً..!؟.
أما السؤال الاستراتيجي فهو: لماذا لا يكون لدينا مثل تلك المصانع في القطاع العام نفسه، رغم امتلاكنا لمقوّمات هذه الصناعة المهمة، بشرية ومادية وعلمية..؟!.
وفي الختام، لا يسعنا إلاَّ أن نأمل سماع ما يبدّد هواجسنا وريبتنا ويثلج صدورنا؛ فهل هناك من يبادر بالإجابة..؟!.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com