معركة إدلب.. و”العويل الإنساني”
مع كل تقدّم يحققه الجيش العربي السوري وحلفاؤه على التنظيمات الإرهابية في أي نقطة من الجغرافيا السورية، وعلى مدى سنوات الحرب التسع، يتكرر الحديث الغربي عن الحالة الإنسانية وحماية المدنيين، في توقيت يؤكّد مدى الترابط والتنسيق بين هذه التنظيمات الخارجة عن القانون وهذه الدول.
واليوم وفيما يخوض الجيش معركة تحرير وطنية كبرى ضد “جبهة النصرة” وأخواتها، والمصنّفة على قوائم مجلس الأمن الدولي بالإرهابية، سارعت تلك الدول للعويل والبكاء، لمنع الجيش من مواصلة تقدّمه وتخليص العالم من آفة الإرهاب، في توقيت مريب دائماً، وكأن هذه الدول تدرك أن عملاءها ومرتزقتها على الأرض باتوا في حالة انهيار وبحاجة ماسة لمن يدافع عنهم وحمايتهم لضمان استنزاف الدولة السورية، فهل باتت هذه المتلازمة نوعاً جديداً من السياسات التي تنتهجها الدول لتحقيق أهدافها ومآربها السياسية.
مع انتهاء الحرب الباردة فرضت أمريكا أجنداتها على العالم كقطب أوحد، وباتت الدول التي تخرج عن الطاعة، إما تواجه بالحروب المباشرة، كما حدث في يوغسلافيا والعراق، أو عبر الوصفات الليبرالية التي تتضمن إلى جانب تدويل الاقتصاد والارتهان لصندوق النقد الدولي، فرض شروط لها علاقة بدعاوى “الديمقراطية وحقوق الإنسان”، وفي النهاية تصبح هذه الدول فاقدة للهوية الوطنية والقومية وفي كثير من الأحيان فاشلة، وبحاجة إلى رعاية لإعادة بنائها على المقاسات الأمريكية.
وفي سورية، لم يكن التذرع بالحالة الإنسانية وليد اللحظة، فالدول الغربية دأبت على العزف على هذه الأسطوانة المشروخة على مدى عقود لرفض سورية التنازل عن حقوقها، والانصياع إلى الحلول الاستسلامية التي تحاول فرضها لتصفية الحقوق العربية في فلسطين والجولان وغيرها من الأراضي التي يحتلها الكيان الصهيوني، ولكن في سنوات الحرب الإرهابية تم تفعيل هذه القضية بشكل أكبر، وباتت ذريعة دائمة للنيل من وحدة أراضيها وسيادتها وقرارها الوطني المستقل، تارة من بوابة إدخال المساعدات الإنسانية للمهجّرين دون سؤال الحكومة السورية، وتارة أخرى من بوابة الاستهداف العسكري المباشر بذريعة حماية المدنيين.
وعليه فإن ما نشهده اليوم من تباكٍ غربي على الأوضاع في سورية على خلفية عملية الجيش العربي السوري في إدلب وتدخّل المحتل التركي مباشرة فيها – موقف وزير خارجية هولندا ستيف بلوك مثال – يؤكّد من جديد أن الغرب يريد تحقيق مصالحه السياسية والاقتصادية في سورية، وليس في وارد حماية أي مدنيين أو الدفاع عنهم، فهذه الدول، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، هي من قامت بتدريب الإرهابيين وتسليحهم وإرسالهم إلى سورية، (ما كشفته صحيفة “ميلتري تايمز” الأمريكية عن فقدان واشنطن لما قيمته 715 مليون دولار من الأسلحة في سورية)، والأمر الأهم هو أن كل ما يعاني منه الشعب العربي السوري من أزمة إنسانية ناتج عن العقوبات الظالمة التي تفرضها أمريكا وحلفاؤها على سورية والتي هي خارج سياق قرارات مجلس الأمن الدولي.
الحكومة السورية أكدت في كل محطة من محطات الحرب عليها أنها لن تألوا جهداً في تقديم كل المساعدات اللازمة لمواطنيها، في المقابل ترفض رفضاً تاماً أن تكون المساعدات وسيلة للابتزاز وحرف القانون الدولي عن مساره، كما ترفض أن تكون الحالة الإنسانية ذريعة لتأمين الحماية للإرهابيين، وعليه فإن الجيش العربي السوري سيتابع تنفيذ مهامه المقدسة في تطهير الأرض وتخليص المدنيين السوريين والعالم من الإرهاب الذي دعمته ومولته الدول الغربية.
سنان حسن