تحقيقات

في تقرير لجنة دراسة حالات نفوق الأبقار في ريف جبلة.. اللقاح المستخدم لا يؤمن الحماية

وضعت اللجنة المشكّلة بقرار من محافظ اللاذقية إبراهيم خضر السالم لدراسة حالات نفوق عدد من رؤوس الأبقار في ريف جبلة تقريرها النهائي بعد إنجاز جولات ميدانية على القرى والمزارع المستهدفة في الدراسة، إضافة إلى معاينة واقع حظائر تربية الأبقار والطرق المتّبعة في تقديم الخدمات الصحية للقطيع، وحول أهم ما توصلت إليه اللجنة التي يترأسها الدكتور علي نيصافي النائب العلمي في كلية الزراعة بجامعة تشرين وأستاذ مادة أمراض وصحة الحيوان والدواجن، وتضمّ اختصاصيين من جامعة تشرين ونقابة الأطباء البيطريين واتحاد الفلاحين وغرفة الزراعة بعد أعمال الكشف الميداني والدراسة المخبرية والأعمال الميدانية التي استمرت عدة أيام.

اللقاح ليس مسؤولاً
فقد أكّد رئيس اللجنة الدكتور علي نيصافي أن اللقاح ليس مسؤولاً ولكنه لا يؤمن الحماية الكافية كونه غير نوعي، وقال: مرض الكتيل الجلدي البقري هو مرض فيروسي خطير شأنه شأن كل الأمراض الفيروسية لا يمكن علاجه مباشرة وإنما يتمّ علاج أعراضه حين وقوعه مع تحسين التغذية وإعطاء رافعات المناعة والفيتامينات وخافضات الحرارة، وهو ينتشر في دول الجوار قبل انتشاره في سورية ويسبّب خسائر اقتصادية كبيرة ناجمة عن انخفاض الإنتاج والتفوق وتكاليف العلاج، وكونه ينتقل بشكل رئيسي عن طريق الحشرات فإن مكافحتها والتخلّص من فضلات الحيوانات بعيداً عن الحظائر والتنظيف والتطهير المستمر يخفّف كثيراً من خطر الإصابة ودائماً في الأمراض الفيروسية يعتمد على الوقاية، فدرهم وقاية خير من قنطار علاج.

لقاحات فعّالة
ولفت د. نيصافي إلى أنه لا بد من توحيد وتكثيف الجهود مابين دوائر الصحة الحيوانية والبلديات والمربين وتكامل أدائهم في التبليغ عن أية حالة ومراقبتها ومعالجتها، وفي حال النفوق التخلّص منها صحياً وليس كما يجري برميها قرب الترع والأنهار أو في المراعي لتصبح بؤرة عدوى جديدة، وكذلك منع حركة بيع وشراء الحيوانات من وإلى المناطق المصابة والتلقيح بلقاحات فعّالة تضمن مناعة جيدة للقطعان، ومن خلال عمل اللجنة تبيّن باختصار عدم مسؤولية اللقاح عن ظهور الإصابات ولكن كونه غير نوعي فإنه لا يؤمن الحماية المطلوبة والهيئات البيطرية تقوم بواجبها على أكمل وجه، كما يوجد خسارات وإصابات ونفوق ولكن هنالك بعض المبالغات والتجني، فالبعض باع أبقاره وادّعى نفوقها، كما أن أغلب الحظائر لا تستوفي الشروط الصحية وبعضها يربي الأغنام التي يمكن أن تكون منبعاً للعدوى بجوار الأبقار.

 الأمان الحيوي
وأوضح رئيس اللجنة د. نيصافي: لذلك يجب أن تتضافر الجهود مابين المربين والمعنيين لتهيئة جميع الظروف من لقاح فعّال وتطبيق شروط الأمن الحيوي بصرامة في كل منطقة موبوءة، والرعاية والعناية والتغذية الجيدة كلها من الأمور التي تساهم في السيطرة على المرض، كما نلفت عناية الوزارة إلى عزل العترة الحقلية وتصنيع لقاح منها واختباره مخبرياً وحقلياً لتحديد درجة المناعة ونسبة المناعة التصالبية ومدة المناعة الممنوحة، وكذلك ضرورة التعاون مع وزارة التعليم العالي لإنجاز دراسات وبحوث تشخّص الواقع الراهن وتبحث في الحلول وتقدم النتائج والاقتراحات التي تنهض ليس بالواقع الصحي فحسب بل بكل الجوانب التي تؤدي إلى سلامة وصحة المجتمع وتعزيز القدرة الاقتصادية له. وأشار د. نيصافي إلى بداية انتشار هذا المرض عالمياً وطرق انتقاله وكيفية الوقاية منه باعتباره أحد الأمراض الفيروسية التي لا يمكن تجاوزها بالصادات الحيوية الاعتيادية، وإنما يمكن التحكم به والسيطرة عليه من خلال تضافر الجهود والمتابعة الطبية والرعاية الصحية والاهتمام بنظافة القطيع، وتحدث عن طرق انتشار المرض، ولاسيما راشفات الدم الحشرية والقراد والبعوض، إضافة إلى إمكانية انتشاره عن طريق الاحتكاك والتماس المباشر بين الحيوانات.

زيارة ميدانية
لقد وضعت لجنة الكشف تقريرها عن واقع الإصابات بداء الكتيل الجلدي في منطقة جبلة التي شكّلها محافظ اللاذقية إبراهيم خضر السالم للتحقيق في شكاوى حول حالات نفوق عدد من الأبقار في قطيع أبقار حوران البودي جراء “لقاح فاسد”، وقد شملت الزيارة الميدانية التي قامت بها اللجنة قرى الأشرفية والبرجان وسيانو والبساتين وبقرية وبشراح وكفردبيل وحوران البودي، حيث بلغ مجموع الحيازات في هذه القرى 1160 رأس بقر سجّلت منها إصابة 102 رأس بقر ونفق منها 23 رأساً بنسبة نفوق 98ر1 بالمئة. ورأت اللجنة أن النفوق قد يكون بعضه منسقاً أو مباعاً ولم يلعب اللقاح دوراً في إحداث المرض أو زيادة نسبة النفوق، وتضمن تقرير اللجنة تفصيلات شاملة واستنتاجات من لقاء اللجنة مع المربّين واطلاعهم على ظروف التربية مع توصيات شاملة.
حظائر بدائية
بدوره الدكتور صالح صالح نقيب الأطباء البيطريين في اللاذقية أوضح أن الجولة التي قامت بها اللجنة على مدى يومين إلى الوحدات الإرشادية في سيانو والأشرفية والبرجان للاطلاع على الظروف على أرض الواقع أظهرت وجود حظائر بدائية تفتقر إلى الشروط الصحية المطلوبة للرعاية والتربية، ولا يتمّ التخلص من المخلفات والروث بشكل مناسب، وهو ما يوفر بيئة خصبة لتجمع الحشرات التي يزداد نشاطها في فصل الصيف، كما أن قلة الوعي في التخلص من الأبقار النافقة ورميها في السواقي يحولها إلى بؤرة للحشرات ونقل العديد من الأمراض، مبيناً أن مجموع الحيازات في هذه القرى 1160 رأساً فقط، وتم تسجيل نحو 102 إصابة وحالات النفوق بناء على ادعاءات المربين 23 رأساً، حيث وصلت نسبة النفوق إلى 98ر1 بالمئة من المجموع العام وهي ضمن الحدود الطبيعية.
اللقاح ليس العامل المسبّب
من جهته الدكتور ماهر صالح ممثل غرفة الزراعة في محافظة اللاذقية وأستاذ الصحة العامة والطب الوقائي في كلية الطب البيطري بجامعة حماة، أكد أنه حسب النتائج التي وصلت إليها اللجنة فإن اللقاح ليس العامل المسبّب للمرض ولم يلعب دوراً في ظهور الإصابات أو زيادة حالات النفوق، إلا أنه لم يؤمن المناعة والحماية الكافية للأبقار، حيث إن الإصابات تم تسجيلها في المناطق الملقحة وغير الملقحة بأوقات مختلفة. كما أشار د. صالح إلى طرق الوقاية والتي تتضمن إيجاد لقاح فعّال وعزل العترة المسبّبة للداء وتصنيع لقاح فعّال منها وفحصه حقلياً ومخبرياً لتحديد درجة المناعة التي تؤمّن فيها الحماية للقطعان، كما أن اللقاحات الحالية لا تؤمن الحماية الكافية، موصياً بضرورة الاهتمام بالأمان الحيوي ورش الحظائر وتعقيمها ومكافحة الحشرات وتنظيف أدوات الرعاية وإخبار الأطباء البيطريين لمتابعة الحالات المصابة حتى تتماثل للشفاء.
الالتزام بخطة التحصينات الوقائية
من جهته المهندس منذر خيربك مدير الزراعة أكد على الالتزام بخطة التحصينات الوقائية للثروة الحيوانية على امتداد المحافظة، بما فيها الأبقار التي يتجاوز عددها 39 ألف رأس ويتمّ إعطاؤها أكثر من تحصين للعديد من أنواع الأمراض الشائعة، أما بالنسبة لداء الكتيل الجلدي الذي ظهر في منطقة جبلة فقد تمّ تحصين القطيع في الشهر العاشر من العام الماضي وبدأنا عملية التحصين الثانية في شهر آذار الماضي، مضيفاً: إن ظهور بعض بؤر الإصابة أثار الهلع لدى المزارعين نتيجة التهويل من قبل المستفيدين من تنسيقها، وتشكّلت لجان للوقوف على حقيقة القضايا المثارة، وكان هناك إجماع على أن نسب النفوق أقل من الطبيعي بالنسبة لمثل هذا المرض الفيروسي الذي يعتبر عابراً للحدود. وتابع خيربك: إن نسبة النفوق في القطيع الذي يبلغ 12 ألف رأس في جبلة منذ بداية العام وحتى هذا التاريخ لا تتجاوز 2 بالألف مع التنسيق، وبلغ عدد الحيوانات التي تمّ شفاؤها أكثر من 72 رأساً من أصل 160 رأساً مصابة على مستوى منطقة جبلة، مطمئناً المربّين بأن وضع القطيع جيّد ولا داعي للقلق وأن المديرية مع كل الدوائر المعنية تتابع واقع الثروة الحيوانية وخدمات التحصين الوقائي.
مروان حويجة