الأسواق تغرق بالعسل المغشوش والمهرب والنحالون يسألون عن الرقابة!!
مع انتشار بائعي مادة العسل المغشوش في الأسواق وعلى الأرصفة وحتى في المحلات، وفي ظل تقصير وزارتي الزراعة والتجارة الداخلية في ردع هذه الظاهرة، يتساءل مربو النحل والكثير من المواطنين عن دور الرقابة، ولماذا تغيب الجهات ذات العلاقة عن متابعة مثل هذه القضية، ليوضح معاون مدير التجارة الداخلية في ريف دمشق بسام شاكر أن أصحاب الخبرة فقط وحدهم يستطيعون معرفة العسل المغشوش من المكفول، علماً أن دوره كـ “حماية مستهلك” ينحصر بسحب عينات العسل، وإحالة المادة إلى المخبر، للتأكد من مطابقتها للمواصفات وخلوها من الغش، حيث هناك عدد كبير من الضبوط التي نظمتها المديرية وتجاوزت 45 ضبطاً، مبيناً أن ارتفاع الأسعار واختلافها يرجع إلى تباين قيم وجودة العسل تبعاً لموسم الإنتاج ونوعه، فالعسل ليس له سعر ثابت، وغالباً ما يتحدّد السعر بموجب قانون العرض والطلب، والمهم عند شرائه من المنتج أن يكون من مصادر موثوقة، علماً أن جميع العينات المسحوبة من العسل تمّت من البسطات والأرصفة وكانت معظمها مخالفة لمواصفات العسل الطبيعي وخلطت بمادة القطر الصناعي والأصنص.
وبيّن شاكر أن دوريات الرقابة تتابع باستمرار بائعي العسل الذين يفترشون الأرصفة أو يحملون بضاعتهم على ظهورهم وهم يدورون في الأسواق، مستغلين حب الناس للعسل وإيمانهم بأنه علاج وغذاء، وأيضاً مستغلين عدم تمييز الأكثرية بين العسل الطبيعي والمغشوش. ويقول معاون مدير التجارة: يمكن أن يغش العسل بطرق عدة كإضافة محاليل سكرية أو نشاء أو قطع شمع لغرض زيادة الوزن، كما أن هناك ممارسات تؤثر على خصائص العسل، مثل التغذية الصناعية بمحاليل سكرية أو خلط أنواع معينة من العسل رخيصة الثمن مع أنواع أخرى غالية الثمن، ومن خلال مراقبة عناصر حماية المستهلك للأسواق لوحظ أن هناك عسلاً مورداً من الخارج مثل العسل التركي والباكستاني والكشميري وهو قريب من العسل السوري الموجود في الأسواق من حيث نكهته وقوة رائحته، ولكن قيمته الغذائية ضعيفة للغاية. ومن ملاحظاتنا أن هناك محلات تبيع العسل الأجنبي على أنه محلي، وهذا يعتبر غشاً لا نرضاه، وهناك من يبيعه باسمه الحقيقي، ومن يخلطه بعسل سوري، وهذا أيضاً غش نعاقب فاعله، مؤكداً أن العسل السوري من أفضل أنواع العسل على الإطلاق، وبالنسبة لتربية النحل في سورية عامة وريف دمشق خاصة فهي قديمة قدم سلالة النحل السوري المعروفة عالمياً، والتي تعرف محلياً بالنحل السيافي والخنجري والهلالي والقمري والغنامي، وقد جُني عسلها من جذوع الشجر، وشقوق الصخور في جبال القلمون وقاسيون ثم ابتكرت الخلية الطينية، فالخلية الخشبية وأخيراً الخلية الخشبية الحديثة التي تعرف عالمياً باسم خلية لانجستروث والتي دخلت سورية في ستينيات القرن الماضي، وقد أسهمت في تطوير تربية النحل، وزيادة إنتاج العسل.
وحول الطرق التقليدية الشائعة للغش يقول نادر رعد مربي نحل: إن الطرق السائدة بين الناس للكشف عن العسل الأصلي من المغشوش تتجلى باستخدام عود الثقاب أو رفع جزء من العسل بالملعقة لمعرفة ما إذا كان ينقطع أو لا، إضافة إلى طريقة وضع العسل في الثلاجة لمعرفة هل يتجمد أم لا، وجميع هذه الطرق أو الاختبارات من منطلق علمي، ونهيب بالمواطنين الذين يشترون مادة العسل بتجريبه أو سؤال أصحاب الخبرة قبل شرائه والأفضل شراؤه من المربين مباشرة.
عدد كبير من المربين طالبوا بإيجاد حلول لمعاناتهم في النقل والتنقل وترحيل الخلايا ومكافحة بيع العسل المغشوش الذي يؤثر على إنتاجهم، وتأمين مستلزمات مربي النحل لتحقيق الإنتاجية المطلوبة من عسل النحل الصافي، وجعل العسل سلعة شعبية بمتناول الجميع مع الحفاظ عليه سليماً خالياً من أي غش، ومعالجة الأعسال المغشوشة الموجودة في الطرقات وقدوم مادة العسل من خارج القطر، وإيجاد حلول ودعم المربين الأساسيين وعدم إعطاء الخلايا لغير المربين، وتأمين مستلزمات النحل بالكامل، وهذا كلّه جلب المعاناة والمتاعب وقطع الأرزاق والعزوف عن مهنة تربية النحل.
من جهتها مصادر في وزارة الزراعة أكدت أن إعادة تأهيل قطاع النحل والعسل يندرج ضمن البرامج الحكومية لدعم القطاع الزراعي، وأن الوزارة تقوم بتشجيع تربية النحل في سورية ولديها 11 مركزاً بالمحافظات تقوم بإنتاج الخلايا وطرود النحل وتوزعها على الفلاحين بأسعار تشجيعية، وأن عدد خلايا النحل وصل حالياً إلى أكثر من 285 ألف خلية بعد أن تجاوز قبل الحرب 600 ألف خلية والإنتاج تجاوز 3500 طن من العسل، وستتمّ زيادتها الآن ليعود العسل السوري للأسواق العربية والإقليمية من جديد، منوهاً بأن الوزارة تعمل مع اتحاد النحالين والجهات ذات الصلة لزراعة أصناف النباتات التي تساعد على تأمين المراعي للنحل في المناطق الحراجية والزراعية.
عبد الرحمن جاويش