حال السوريين هذه الأيام
قد تكون المرة الأولى التي لن يأخذ الشارع السوري ما يحدث على محمل الاستهزاء، ولن يستطيع أن يحوّل بتهكمه المعتاد، كل الألم الذي يدور حوله إلى أمل، ولن تقابل روحه الجميلة كل هذا القهر بضحكة وابتسامة، ولن يقدر مهما حاول أن يرمي همومه خلف ظهره ويستمر في الحياة، وكأنه وللأسف فقد هذه المرة أغلى ما يملك، وهو “الأمل”، ولم يعد يعتقد كعادته بأنه محصن ضد نوائب الدهر فما يحدث فاق حدود صبره وتحمله، فما إن لاحت بوادر انتهاء حرب ضروس حتى دخل بعدها في وباء عالمي ثم انتقل تلقائياً إلى فقر وجوع وغلاء فاحش لا يرحم، وليس هذا فحسب فلم تبق الأمور على حالها بل “توّمت” بقانون عقوبات أمريكي أسموه قيصر أو ربما جوكر أو “باتمان” لا فرق، فالنتيجة واحدة، فتعددت الأسباب والموت واحد.
“ألاقيها منين ولا منين”.. هذا ما يقوله حال السوريين في هذه الفترة العصيبة، وفي هذه “الأيام اللي وصلنا إليها”، فلم يعد يعرف الواحد منا أي باب إذا قام بإغلاقه و”سده” سوف يبعد عنه ريح القهر ويستريح، رغم أنه قام بتخفيض متطلباته واحتياجاته حتى الحدود الدنيا، إلا أن الحالة بقيت للأسف “تعبانة”، وإن كان الذهب بأسعاره الخيالية ليس ضمن حسابات السوري “المعتر”، وإن كانت الأزياء والملابس ليست من أولوياته، لكن ماذا عن المواد الغذائية؟ وماذا عن مستلزمات الأطفال؟ وماذا عن الأدوية؟ وماذا أيضاً عن النفوس والقلوب التي صبرت وصمدت حد التعب! وماذا عن الأسعار التي تستمر في التحليق والطيران نحو الفضاء الذي لا يمت للأرض بصلة لا من بعيد ولا قريب، ولا يحد من هذا الارتفاع والغلاء لا “راتب” ولا ترتيب!! وما يحدث أننا نتعافى من وجع لنقع في وجع آخر، ومن حزن إلى قهر، ومن حرمان إلى غصة، ونحن لم نعد نريد أو نطلب من الأحزان أن تنتهي، نحن نريدها أن تستريح قليلاً فقط لكي تترك لنا متسعاً من الوقت نعود فيه إلى الأمل، ففي بلادي لا نحيا بدون الأمل.
لوردا فوزي