القضية “المحصية” منذ عقدين: 132597 بئراً “تشمل أو لا تشمل”!؟
نحتار كمتابعين من تعطيل إيجابية العديد من القرارات الجيدة، التي تصدر (ولو بشكل استثنائي تفرضه المرحلة..) لأجل إنعاش قطاع ما، ومنها على سبيل المثال ما كان أصدره، في مثل هذا الأيام من العام الماضي 2019، مجلس إدارة المصرف الزراعي التعاوني بإضافة مجموعة من غايات جديدة ضمن جدول الاحتياج المعمول به لدى المصرف، ومنها إضافة غاية شراء تجهيزات توليد الكهرباء بالطاقة المتجددة الشمسية، إلى المادة 16 من التعليمات التطبيقية لنظام عمليات المصرف، وذلك ضمن الفصل الثالث الخاص بالإقراض طويل الأجل (10 سنوات وبأقساط محددة)، وإدراج تمويل غايته تجهيزات توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية (ألواح وبطاريات ومحول وتوصيلات وجهاز منظم والقاعدة الحاملة للواقط) بقروض طويلة الأجل من جدول الاحتياج المعمول به لدى المصرف وبنسبة 70% من قيمتها، وحسب استعلامات فرع المصرف أيهما أقل، حيث أصدر التعليمات التنفيذية لأجل ذلك.
ضائعة ومهدورة!
لكن هذه الإيجابية بما تعنيه من تحقيق وفر بمادة المازوت وتوفير كمياته من قطع العملة الصعبة، وكذلك توفير تكاليف إنتاجية على الفلاح، وانعكاس ذلك على انخفاض أسعار المنتجات الزراعية الغذائية وغير الغذائية، ناهيكم عن موضوع التلوث.. هذه الإيجابيات الوازنة ماليا وإنتاجيا اصطدمت برفض الهيئة العامة للموارد المائية، وتحديدا رفضها الموافقة للآبار المحصية في العالم 2001 (غير المرخصة) على تركيب تلك المنظومة المتجددة للطاقة، علما أن تلك الآبار تم تشميلها بالمشروع الوطني للتحول للري الحديث، أي أن بإمكان أصحابها أخذ القروض لتركيب منظومة الري الحديث في أراضيهم!
أسوة بـ “الري الحديث”!
معاون مدير هيئة الموارد المائية الدكتور باسل كمل الدين، ورداً على أسئلة “البعث” حول عدم موافقتهم لتلك الآبار على تركيب منظومة الطاقة المتجددة الشمسية، وبالتالي إتاحة الفرصة لأصحابها كي يحصلوا على قروض لأجل ذلك، في حين يوافقون لهم على تركيب منظومة الري الحديث، قال: إن عدم الموافقة يستند إلى أن تلك الآبار تستنزف المياه الجوفية وهذا خط أحمر لأنه دون ماء لا نستفد شيئا، وإذا ما سمحنا لأصحابها بالموافقة على تركيبها كما هو الحال في الري الحديث التي شملها، فسوف يزداد استنزاف استجرار المياه من تلك الآبار!
لا أحد..!
لكن عندما قلنا له ما يعلمه وهو إن تلك الآبار لم تتوقف عن الاستثمار وهي لغاية الآن تروي مساحات زراعية هامة وتنتج المحاصيل، دون حسيب أو رقيب، قال: إنها مخالفة وعلى أصحابها ترخيصها بالطرق القانونية، لافتا إلى أنهم وجهوا وأصدروا ما يلزم لذلك سواء عبر اتحاد الفلاحين أو بإخبار الفلاحين عبر الإعلام، لكن لا أحد تقدم لأجل هذا!
مفارقة!
وعندما سألناه، بناء على ما سبق: هل بعدم الموافقة لتلك الآبار على تركيب الطاقة المتجددة الشمسية، وبقروض، لن يكون هناك استنزاف ولا استثمار، رغم أنها كلها مستثمرة حاليا! قال: إن السماح بذلك، سيؤدي بأصحاب تلك الآبار إلى زيادة الاستجرار، وبالتالي فالتخوف والمحظور قد يقع بعد فترة وهو فقدان المياه الجوفية!
قدم الرجل ما قدم، وأوضح أن على أصحابها الالتزام بالاشتراطات والقيود المائية، وهذا الأمر لم يلق التجاوب المطلوب، علما أنهم لم يمتنعوا عن الترخيص لمن يتقدم من أصحاب تلك الآبار لتسوية أوضاعها، وبالتالي التزامهم بالاشتراطات والأنظمة المرعية!
وإلاَّ.. !
في خلاصة هذه القضية، نجد أن هناك خللا واضحا، إن لم نلق ما غمز به بعضهم من أن هناك شبهات حول عدم معاملة تلك الآبار كما تعامل ضمن مشروع التحول للري الحديث!! الأمر الذي يستدعي تحركا عاجلا ينهي هذا الملف “المشبوه” بعدم الحل لغاية الآن.. رغم مرور أكثر من عقدين من الزمن، بشكل يحقق دعم القطاع الزراعي ودعم الفلاح، ودعم العملية الإنتاجية وفق ضوابط قانونية مائية وزراعية ومالية، وإلاّ ظل كان في الأمر إن وأخواتها.
قسيم دحدل