رئيس الحكومة التونسية يستقيل استجابة لطلب الرئيس
كما كان منتظراً، قدّم رئيس الوزراء التونسي استقالته للرئيس قيس سعيد، بعد أسبوع عصيب من التجاذبات والصدامات بين القوى السياسية، في خطوة تأتي لقطع الطريق أمام حركة النهضة، الساعية لسحب الثقة من الحكومة الحالية بعد تحالفها مع كتل أخرى في البرلمان.
ومن المتوقّع أن يعين الرئيس سعيد شخصية أخرى في الأيام القليلة المقبلة لتشكيل حكومة في فترة لا تتجاوز شهرين.
وكانت مصادر قد أكدت، في وقت سابق، طلب الرئيس قيس من إلياس الفخفاخ تقديم استقالته، وذلك عند حضوره إلى قصر قرطاج مع راشد الغنوشي رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة، ونور الدين الطبوبي أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة عمالية في البلاد).
وتأتي خطوة الرئيس التونسي بالتزامن مع تحرك تقوم به حركة النهضة للإطاحة بالفخفاخ من رئاسة الحكومة، حيث أودعت مجموعة من الكتل النيابية المتحالفة معها، الأربعاء، عريضة تطالب بسحب الثقة من رئيس الحكومة تحمل توقيع 105 نواب. وقال رئيس كتلة “قلب تونس” (لبيرالي، 27 مقعدا من أصل 217) أسامة الخليفي، في تصريحات إعلامية بالبرلمان، إنه “تم إيداع لائحة سحب الثقة من حكومة الفخفاخ بمكتب الضبط بالبرلمان”. وأشار إلى أن “اللائحة تضمنت 105 توقيعات لنواب من كتل النهضة (54 مقعدا) وقلب تونس، وائتلاف الكرامة (19 مقعدا)، وكتلة المستقبل (9 مقاعد) ونواب مستقلين”.
وفي وقت سابق الأربعاء، بدأت كتلة حركة النهضة تجميع توقيعات النواب على لائحة سحب الثقة من حكومة الفخفاخ، تنفيذا لقرار شورى الحركة الصادر مساء الثلاثاء.
وكان تمرير اللائحة إلى مكتب البرلمان يتطلّب 73 توقيعاً، ثم التصويت عليها في الجلسة العامة بالأغلبية المطلقة للأصوات (109)، بحسب الدستور التونسي.
وطبقاً للدستور، فإنه على الرئيس سعيد البدء بمشاورات مع القوى الحزبية والنيابية والمجتمعية في البلاد لتكليف شخصية جديدة مهمة تشكيل حكومة جديدة تحظى بثقة النواب لتمريرها.
وكان الفخفاخ يترأس منذ 27 شباط الماضي، ائتلافاً حكومياً يضم وزراء من 4 أحزاب رئيسية وكتلة برلمانية، هي النهضة والتيار الديمقراطي ( 22 نائباً)، وحركة الشعب ( 14)، وحركة تحيا تونس (11) وكتلة الإصلاح الوطني (16).
ويرى مراقبون أن الصراع الحزبي في تونس وصل إلى ذروته بين القوى السياسية، حيث تحاول القوى العلمانية إعادة تصويب النظام السياسي، فيما تحاول القوى الإخوانية التي تقودها حركة النهضة إلى إعادة البلاد إلى الوراء والمزيد من قمع الحريات العامة، كما أن المسألة على علاقة بالصراع الدولي في المنطقة والذي باتت تونس جزءاً منه، من خلال تبعية الحركة الإخوانية للنظامين القطري والتركي اللذين يديران معركة فوضى وإرهاب في ليبيا المجاورة وتدفع تونس ثمن جزء منها.
ومن شأن الازمة السياسية أن تزيد متاعب الاقتصاد الذي تكافح تونس لإنعاشه، خصوصاً مع الوضعية الحرجة للمالية العمومية التونسية، حيث تتفاوض تونس مع أربعة بلدان لتأجيل سداد ديون، في خطوة تظهر مدى الصعوبات المالية للبلد الواقع بشمال أفريقيا.
ويضيف مراقبون أن حركة “النهضة” بقرارها الأخير دفعت بنفسها إلى عزلة مؤسساتية بعد جبهات الصراع التي فتحتها مع كل من رئاسة الجمهورية وغالبية الأحزاب السياسة واتحاد الشغل، وسيؤثر ذلك جوهرياً على استمرار راشد الغنوشي رئيساً للبرلمان، خاصةً وقد باتت عملية سحب الثقة منه جدية، باعتبار أن الإمضاءات الأولية تجاوزت 73 توقيعاً، ما يعني أن صيفاً سياسياً ساخناً ستشهده تونس، وأن المعركة ليست كسابقاتها، أي أنها “معركة كسر عظام” بين الأحزاب وستكون حاسمة، فإما سلطة جديدة من دون حركة “النهضة” أو إزاحة الغنوشي من رئاسة البرلمان.
بالتوازي مع ذلك ايدت كتلة الحزب الدستوري الحر بقيادة عبير موسي التوافق الواسع لسحب الثقة من الغنوشي مؤكدة ان نواب كتلتها وقعوا عليها.
واذا تمكنت الكتل وراء لائحة سحب الثقة من الغنوشي من جمع 109 صوت سيؤدي ذلك الى تمريرها.