حرب اللقاحات.. هل تنهي الهيمنة؟
سنان حسن
منذ اللحظة الأولى لإعلان منظمة الصحة العالمية عن فيروس كورنا “كوفيد 19 ” بأنه جائحة تهدد البشرية جمعاء ولا بد من مواجهته، والاستثمار السياسي للوباء لم يتوقّف، بداية من اتهام الصين بأنها السبب في انتشاره بالعالم، وليس انتهاء بتحديد اللقاح الفعّال لمواجهته، حيث تتسابق الدول حالياً للقول: إن اللقاح الذي تنتجه شركاتها هو الأفضل لمواجهة الوباء والسيطرة عليه، ولكن دون ذلك الكثير، فمنظمة الصحة العالمية، التي من المفترض أن تكون الحكم في ذلك، تمارس هي الأخرى انحيازاً كبيراً في التعاطي مع الملف لصالح دول على حساب أخرى، هذا عدا عن التصوّرات المسبقة عن أن اللقاح، والذي تمّ إنتاجه في المصانع الغربية وليس في الشرق، أكثر جدوى وفعالية!، فهل ما يعيشه العالم هو استمرار للعبة الغربية في السيطرة على العالم وتسويق ما تنتجه شركاتها، وإلى متى ستبقى المنظمات والهيئات الدولية رهينة قرار بعض الدول على حساب العالم بأكمله؟
في الحادي عشر من شهر آب الماضي زف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خبراً ساراً للعالم بتوصل العلماء الروس لتطوير لقاح مضاد لكوفيد 19 باسم “سبوتنيك v”، ولكن رغم أن الخبر كان نافذة أمل في مواجهة البشرية للفيروس القاتل، الذي أودى بحياة قرابة المليوني مواطن حول العالم، إلا أن السياسة وزواريبها كانت بالمرصاد للعلاج الروسي، إذا شككت وزارات الصحة في دول الاتحاد الأوروبي باللقاح الروسي واعتبرته غير فعال، دون أن تختبره، حتى منظمة الصحة العالمية، والتي من المفترض أن تجد في سبوتنيك v طوق نجاة لمساعيها في مواجهة الفيروس، رفضت استلام بيانات اللقاح تحت ذرائع واهية، والأمر ذاته تكرر مع لقاح صيني، في حين أن لقاح “فايزر وبيونتيك”، الذي تنتجه شركتان ألمانية وأمريكية، لاقى ترحيباً كبيراً حتى قبل أن يتم الانتهاء من التجارب السريرية عليه، ورغم أن 6 حالات جرّبته توفيت، حيث أكدت “الصحة العالمية” أن اللقاح من قبل شركتي فايزر وبيونتيك قد يغيّر الوضع الوبائي لفيروس كورونا بحلول آذار 2021. فهل لذلك علاقة فقط بالعلم، بالتأكيد لا. القضية أكبر من لقاح وأهم من القضاء على الوباء بحد ذاته.
فكما كارتيلات الأسلحة والنفط والتكنولوجيا مهيمنة ومسيطرة في العالم فيجب أن يكون لكارتيلات صناعة الدواء حصة فيما يجري من انتاج اللقاح وتسويقه، ويكفي أن نعلم أن عدد المصابين في أمريكا وصل إلى 17 مليون مصاب وأكثر من 300 ألف وفاة. وقد تابع العالم بأسره الدور الذي لعبه مالك شركة ما يكروسوف العملاقة بيل غيتس، والشريك في انتاج القاح الأمريكي “فايزر”، في الحديث عن الوباء وانتشاره، وأخيراً قبل أيام وبعد البدء بتوزيع لقاح شركته في الولايات الأمريكية حدد الموعد الذي سينتهي فيه الفيروس نهائياً، فيما تمارس ألمانيا حالياً ضغوطاً كبيرة على الاتحاد الأوروبي لكي تسرّع الهيئات المختصّة داخل التكتل الأوروبي في إصدار التراخيص اللازمة للبدء باستخدام اللقاح نفسه!.
إذاً منذ البداية والتسيس يلاحق وباء كورونا وما يزال، ويبدو أنه سيستمر لنفس الغايات وهي إبقاء الهيمنة الأمريكية الأطلسية على العالم، ولكن هذه المرة من بوابة الدواء ومواجهة الوباء، فهل ستنجح الدول، على غرار الصين وروسيا والهند، في الوقوف بوجه المخططات الغربية من خلال التأسيس لنظام عالمي جديد أم ستبقى الهيمنة مستمرة والحروب مستمرة؟.