أطفال حلب بين مدينة الأحلام ومهرجان الطفولة المسرحي الأول
حلب- غالية خوجة
انطلقت عروض المسرحيات الموجهة للأطفال في حلب، وتستمر يومياً لغاية 22 الجاري، ويساهم اتحاد محافظة حلب- أمانة الثقافة والإعلام بعرض مسرحية الطفل والأسرة “مدينة الأحلام” التي قدمتها فرقة المسرح العمالي على مسرح صالة معاوية، من تأليف: د. محمد الشيخ، وإخراج: محمد مروان ادلبي، وتمثيل: مصباح اسكيف، جوانا كنجو، نجيب عقاد، سعيد هلال، سيف الدين صابوني، عبد الهادي حريتاني، سوسن إسماعيل، محمد غزال، إبراهيم دحدوح، ماكياج: مجد عزوز، إضاءة وصوت: عمار جراح.
تنوعت مسرحية “مدينة الأحلام” بين المشاهد الرمزية والاستعراضية والواقعية والغنائية الهادفة، ووظفت فنيات تراثية ومعاصرة، وكانت أقرب إلى برنامج “الحكايا العالمية”، وتمتعت بحضور الحكواتي الذي يبدأ العرض ويختمه، ويتداخل بين فينة وأخرى، كما كسر الممثلون البعد الرابع بنزولهم من المنصة إلى القاعة، وطرح العديد من الأسئلة الرياضية والمعرفية على الحضور الذي تفاعل وشارك بالإجابات، كما أن المسرحية ازدانت باللغة العربية الفصحى، وساهمت في إنجاز عدة أهداف: أولها التفكير، وثانيها إسقاط الكثير من الرموز على الواقع السوري المعاصر مثل العرافات الأربع، اثنتان منهما شريرتان مدمرتان: عرافة الشمال والغرب، بما فيهما من دلالات وإحالات واقعية ورمزية، بينما تبدو عرافة الشرق طيبة، وإليها تنتمي شخصيات العرض المنجزة للانتصار من خلال انتصار الضوء على الظلام عبر البطلة “شمس”، والأبطال الآخرين في المسرحية.
قدمت “مدينة الأحلام” حكمة مفادها: “يكفي أن تقتنع بوجود شيء ليكون موجوداً في الحقيقة”، وذلك بعد مساهمة البطل المدعي للقوة الخارقة الغامضة “شيكو بيكو” في تحقيق أحلام كل من الفزاعة التي أعاد لها عقلها لترجع وتفهم كل شيء، والفارس الحديدي الذي أعاد له قلبه ليرجع إلى محبة الناس والحياة، والمصارع “الورد” الجبان الذي زرع فيه الشجاعة، لكن “شيكو بيكو” لا يستطيع مساعدة “شمس”، وحينها يكشف عن نفسه كمهرج سيرك تمزق منطاده وادعى أنه يمتلك قوة خارقة، مؤكداً على قوة الصدق والصراحة مع الذات والآخرين، حاكياً عن نفسه، وكيف وصل إلى هذا المكان.
ويكمل الحكواتي أحلام الأبطال، وتكمل المشاهد ما يرويه الحكواتي، لنصل إلى الأميرة “قوت القلوب” التي تعطي “شمس” حذاء مجنحاً لتعود إلى قريتها “زين الغابات”، ويعود الأبطال، كلاً إلى موطنه، حيث جاءت أسماء القرى والمدن بيئية، مثل قرية زين الغابات، ومدينة عرقسوس وتمر هندي.
ومن منظور رمزي آخر، شكّلت دلالات الأسماء بعداً للمسرحية، بدءاً من “شمس” البطلة التي آذتها عرافة الشمال وأبعدتها عن موطنها لتبحث عن قريتها “زين الغابات” وتعود إليها، ومغامراتها مع الأحداث والأشخاص الذين تصادفهم، وأولهم فزاعة عقلها من القش وتبحث عمن يساعدها في إعادة عقلها إليها، وإعادتها إلى مدينتها “عرقسوس” بعدما آذتها عرافة الغرب التي استلبت شجاعة الفارس الحديدي، وأضاعته بعيداً عن موطنه “تمر هندي”، ثم ليعود زعيماً لمدينة المصارعين.
تناغمت السينوغرافيا مع المشاهد المسرحية، ووظف الديكور ببساطته بطريقة مناسبة، إضافة إلى الإضاءة والماكياج والصوت والكلمات والموسيقا والأغاني التي ذكرتنا إحداها بمسلسل الكارتون “ريمي”، مع التحويل المناسب للكلمات: “سنقطع الدروب للشرق والجنوب”، وأيضاً الأزياء لولا حقيبة شمس التي كانت بحاجة لتثبيت كي لا تزعج الممثلة أثناء الحركة والتمثيل والرقص، وكان أداء الممثلين الذين تفاوتت أعمارهم مرناً وفنياً، وكان من المتوقع أن تنتهي المسرحية مع الانتصار وأغنية الانتصار، لكن الحلم استغرق وقتاً إضافياً لأن المهرج شيكو بيكو أخذ مزيداً من الفسحة الزمنية بعد هذه الفقرة، ربما لو اختصرت قليلاً لكان ذلك لصالح العمل.
كما نلفت، أخيراً، إلى مسرحية “رامي والذئب” لمسرح حلب القومي التي تعرض على منصة نقابة الفنانين الساعة الرابعة يومياً (15ـ22) كانون الثاني الجاري، وأيضاً، انطلاق الدورة الأولى من مهرجان الطفولة المسرحي الأول في حلب الذي تقيمه مديرية الثقافة بحلب- دائرة ثقافة الطفل، بدءاً من يوم الاثنين 18 كانون الثاني ولغاية (21) منه، الساعة الواحدة ظهراً، تحت شعار “إبداعات وأحلام”، بمشاركة فريق مهارات الحياة، ومتابعة وإشراف عهد بريدي، على مسرح المركز الثقافي العربي بالعزيزية، حيث تعرض أربعة أعمال مسرحية موجهة للأطفال، تبدأ مع مسرحية “مملكة الأطفال”، إخراج: محمود درويش، وتواصل يومها الثاني مع مسرحية “الدجاجة المثقفة”، إخراج: جمال خلو، بينما تعرض في اليوم الثالث مسرحية “وداعاً كورونا”، إخراج: م. مصطفى الآغا، وتختتم بمسرحية “أوبريت الأطفال”، إخراج: فادي سعيد.