أقـل مـا يـقـال.. بانتظار البيان رقم (1)
“البعث الأسبوعية” ــ حسن النابلسي
لن نسهب بالحديث عما ينتظر الحكومة الوليدة من تركات ثقيلة سبق وأثرناها أكثر من مرة (التذبذب الحاد في سعر الصرف، تفعيل الإنتاج، ضبط آليات العمل الحكومي، تحسين المستوى المعيشي.. إلخ)، لاعتقادنا بأن ما بقي من فريقها، والمنضمين الجدد إليها، على دراية بها..!
سنفرد الحديث هنا عن نقطتين الأولى: القطاع الزراعي، وضرورة توجيه البوصلة الحكومية باتجاهه، لاعتبارات لا تخفى على أحد، ولا تتعلق فقط بأن بلدنا هو بلد زراعي بامتياز، بل لأن الزراعة باتت الخيار الأوسع للاعتماد على الذات في ظل ما نعيشه من عقوبات اقتصادية، ولاسيما إذا ما تم التركيز على المحاصيل الاستراتيجية، بالتوازي مع تفعيل الصناعات الغذائية، ليكونا الحامل الأساسي للأمن الغذائي، ولعل اختيار حسان قطنا وزيراً للزراعة مؤشر على اهتمام الدولة السورية بالقطاع الزراعي، كون الرجل له باع طويل في هذا الشأن، ويمتلك من الخبرة العملية والفنية ما يساعده على إحداث فارق بالمشهد الزراعي العام..!
تدفع معطيات الواقع الاقتصادي العام باتجاه استثمار الإمكانيات المتاحة، والاشتغال على تعزيزها، وهي بالمناسبة ليست بالقليلة، سواء على المستوى الزراعي، أم على غيره من المستويات الأخرى، وتحديداً لجهة اليد العاملة الخبيرة، ولجهة التنوع الفسيفسائي للاقتصاد، فهو ليس زراعياً بالمطلق، بل هو متنوع بين صناعي وتجاري وسياحي، يضاف إليها أيضاً ثرواته الباطنية. ولكون مسار حديثنا هو القطاع الزراعي، علينا ألا نغفل، في هذا السياق، التنوع المناخي، وأثره على تنوع الإنتاج، لتبقى مسألة إعادة دراسة تكاليف مستلزمات الأخير وانعكاسها على تكاليفه النهائية، بما يتواءم مع القدرة الشرائية للمواطن، ومن ثم دراسة واقع التسويق داخلياً، بحيث تؤمن حاجة السوق المحلية، وخارجياً للحصول على القطع الأجنبي، كمسألة يتوجب التعاطي معها بكثير من الاهتمام والحرص والجدية.
وتتمحور النقطة الثانية، في حديثنا هذا، حول ما يعيشه معظم السوريين حالياً من حالة ترقب لا تخلو من تفاؤل حذر للبيان الوزاري الأول للحكومة الجديدة المزمع طرحه في مجلس الشعب، لاسيما وأنه سبق هذا البيان حالة من الإحباط الشعبي نتيجة تدهور الواقع المعيشي. وهنا نشدد على ضرورة التنسيق بين الوزارات تفادياً لصدور قرارات متناقضة تنعي ما يعول على هذا البيان من ثمار، إضافة إلى وضع برنامج زمني لحل المشكلات الآنية ذات العلاقة المباشرة بمستوى المعيشة، وآخر للمشكلات الاستراتيجية، وأن يُفعِّل مبدأ المحاسبة بعيداً عن العموميات والشعارات البرّاقة التي لا تغني ولا تسمن من جوع..!
إن ضمان هذا الاستحقاق يستوجب اجتثاث رموز الفساد، ولا نقصد بالفاسد – هنا – من يتقاضى الرشوة، أو يتجاوز القوانين فقط، بل أيضاً المصدر لقرارات خاطئة نتيجة جهله بمفاصل مؤسسته وإدارته، ولعل الأهم من هذا وذاك أن يعقد مجلس الشعب جلسات دورية لمتابعة تنفيذ البيان بشكل فعلي ومحاسبة المقصرين.
إذاً.. نحن على موعد مع حقبة حكومية نأمل أن تكون استثنائية بطرح مبادرات وآليات عمل ينتج عنها قفزات تنموية ومعيشية تنهض بالوضع المعيشي خصوصاً، وبالاقتصاد الوطني عموماً، ولا نظن أن الأمر يرقى إلى الاستحالة، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار – كما أسلفنا – ما تتمتع به بلادنا من موارد وإمكانيات لا يستهان بها.. وأخيراً، تبقى العبرة بالنتائج، فهي الفيصل بالحكم على مدى نجاح الحكومة..!