تونس.. احتجاجات الغضب تتصاعد على وقع أزمات سياسية واقتصادية متفاقمة
تجمع آلاف المحتجين بدعم من الاتحاد التونسي للشغل بوسط تونس اليوم السبت في أكبر مظاهرة بتونس منذ سنوات، وذلك في تحد لطوق فرضته الشرطة التي أغلقت الشوارع في منطقة واسعة من العاصمة.
يأتي التجمع إحياء لذكرى اغتيال ناشط بارز عام 2013 واحتجاجاً على انتهاكات من جانب الشرطة.
وشهدت العاصمة التونسية تشديدات أمنية وإغلاق طرق قبيل مظاهرة دعا لها معارضون وحقوقيون في الذكرى الثامنة لاغتيال اليساري شكري بلعيد.
وأغلقت أجهزة الأمن المقاهي والمطاعم والمحلات المفتوحة بشارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة. كما أغلقت الطرق المؤدية إلى وسط العاصمة مع تعزيزات أمنية مكثفة لمنع المتظاهرين من الوصول إلى مقر وزارة الداخلية.
وفرضت قوات الأمن طوقا حول وسط المدينة ومنعت السيارات وكثيرا من الناس من دخول الشوارع المحيطة بشارع الحبيب بورقيبة مع تجمع الآلاف. ورفع المحتجون شعار “لا خوف لا رعب.. الشارع ملك الشعب”، ونددوا بعنف الشرطة.
وقالت نعيمة السالمي التي شاركت في الاحتجاج “نطلب من الرئيس قيس سعيد أن يتدخل لحماية الحريات.. الحكومة حولت العاصمة إلى ثكنة ولن نسمح بهذا”.
ودعت عشرات الجمعيات الحقوقية والمنظمات ونشطاء حقوقيون وأحزاب سياسية لهذه المظاهرة، ومن بين الداعين للتحرك الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والمنتدى التونسي الحقوق الاجتماعية والاقتصادية.
وعلى عكس المسيرات السابقة في موجة الاحتجاجات التي انتشرت في أرجاء تونس في الأسابيع الأخيرة، يلقى تجمع السبت الدعم من الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو أقوى منظمة سياسية في البلاد ويبلغ عدد أعضائه مليون عضو.
وقال سمير الشفي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل “الوضع الاقتصادي والاجتماعي في حالة كارثية، وسنتصدى لمن يهدد قوت وحريات التونسيين”.
وقال محمد عمار عضو البرلمان عن حزب التيار الديمقراطي إنه اتصل برئيس الوزراء للاحتجاج على إغلاق وسط تونس العاصمة.
وردد المتظاهرون هتافات مناهضة لحزب النهضة الإسلاموي، الشريك في الائتلافات الحكومية المتعاقبة.
وعقب احتجاجات الشهر الماضي طالبت بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ذكر الناطق باسم وزارة الداخلية خالد الحيوني، أن السلطات اعتقلت على الأقلّ 630 متظاهرا في مختلف أنحاء البلاد.
وفي حين يتوق بعض التونسيين، الذين خاب أملهم من جني ثمار انتفاضتهم، لظروف معيشية أفضل، شجب آخرون التراجع الملحوظ للحريات. وأعاد توتر الأجواء إلى الأذهان حالة الاستقطاب السياسي بعدما اغتال تكفيري المحامي والناشط العلماني بلعيد.
واغتيل بلعيد أمين عام حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (أقصى اليسار) في 6 شباط 2013، ما أسفر عن احتجاجات أدت لاستقالة الحكومة، آنذاك.
وتشهد تونس منذ بداية العام الجديد تحركات احتجاجية غاضبة متصاعدة في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية وتدهور الأوضاع وتزايد نسب الفقر والبطالة.
وعلى مدى الأسابيع الماضية يخرج مئات التونسيين كل يوم سبت إلى وسط العاصمة للتنديد بسوء الأوضاع والتهميش، مطالبين بالإفراج عن المحتجين المعتقلين ورفضا للقمع البوليسي، فيما ظهرت دعوات لإسقاط النظام.
وشهدت عدة محافظات وأحياء بالعاصمة تونس في كانون الثاني الماضي احتجاجات ليلية بسبب تردي الأوضاع المعيشية، تخللتها صدامات مع رجال الأمن وعمليات نهب وتخريب، تزامنا مع حظر تجوال ليلي استمر لأربعة أيام ضمن تدابير مكافحة فيروس كورونا.
وبعد عشر سنوات من الإطاحة بحكم بن علي، ازداد الوضع الاقتصادي سوءاً، وسط تردي الخدمات العامة، بينما أوشكت البلاد على الإفلاس، في حقيقة تشير إلى الانسداد السياسي والأزمة السياسية العميقة التي أدت إلى تردي الأوضاع وانعدام الحلول لحل مشاكل البلاد المتعاظمة. كما تعيش تونس أزمة سياسية عميقة، حيث توالت خلال عقد من الزمن عشر حكومات، فيما تسير الأزمة الاقتصادية نحو التفاقم في وقت تتنافس فيه النخبة على حصد المناصب وتوسيع النفوذ بالدولة.
وتعيش تونس حاليا أزمة سياسية مردها خلاف بين رئيس الوزراء هشام المشيشي المدعوم من قبل حركة النهضة ورئيس الجمهورية قيس سعيد على خلفية رفض الأخير التعديل الوزاري وتحفظه على الوزراء الجدد وعدم دعوتهم منذ تعيينهم قبل نحو أسبوعين إلى تأدية اليمين الدستورية.