المدير التفيذي لشبكة الأغا خان في سورية: تحديد الأولويات والبعد المصلحي أساس النجاح
“البعث الأسبوعية” ــ ابتسام المغربي
تنشط شبكة الآغا خان في سورية بشكل لافت، ويتمثل نشاطها بمشاريع تنموية وثقافية وترميمية؛ ويعود ذلك الى تفهم ما تحتاجه هذه المشاريع من أولويات تنطلق من تحفيز الإداراة والمهتمين.
ورغم أن مشاريعها في سورية تتوزع بين الأرياف والمدن على حد سواء، وتنتشر في محافظات دمشق وحلب واللاذقية والسويداء وحمص وحماة وطرطوس، ورغم تركيزها على الثقافة والآثار، إلا أن الشبكة تساهم أيضاً بمشاريع تتعلق بالصحة والتعليم والقروض والدعم المؤسساتي، وكل ذلك يندرج تحت مفهوم التنمية الاقتصادية والثقافة.
وقد حصلت الشبكة خلال العام الماضي على جائزتين من اليونسكو، إحداهما حول التنمية المستدامة والثانية جائزة التميّز، إلا أن أهم نجاح لها تمثّل بحصول مشروع سوق السقطية على جائزة “الايكروم”، وهذا المشروع قامت الشبكة بترميمه بالتعاون مع الأمانة السورية للتنمية ومديرية الآثار ومديرية حلب القديمة، وتمثل عملها بما يشبه المعجزة بإنجاز ترميم سوق هو الأطول في حلب (١٤ كم) خلال فترة زمنية قصيرة، وهي ثمانية أشهر، وكان قسم كبير منه مهدماً!!
زمن قياسي
حول المشروع الذي تم ترميمه بزمن قياسي يستحق الثناء، تحدث المدير التنفيذي لشبكة الآغا خان في سورية، الدكتور علي إسماعيل، مؤكداً أن نجاح أي مشروع يجب أن ينطلق من أسس لا بد من اتباعها تنطلق من فهم طبيعة المشروع ومحيطه الاجتماعي ودور المكان في حياة السكان، وهو ما يستوجب من أي جهة تقوم بالترميم التفكير بالبعد المصلحي للشاغلين وللمواطنين، ووضع معايير تنطلق منها، وهو ما يتطلب تعاوناً تحتاجه الجهة المرممة مع المجتمع الأهلي، ليأتي بعدها دور السلطات المحلية لتوجيه العمل وفق هذا المنظور الذي يشكل أنموذجاً يحقق مصلحة للشاغلين والمحيط السكاني.
تحديد الأولويات
وأشار د. علي إلى أهمية مسح المنطقة بما يساهم في تحديد الأولويات، ومن خلال ذلك يتم وضع الخطة لتنفيذ المشروع ثم البحث عن وجود جهة تتبنّى المشروع، وبعد ذلك تضع رؤية منهجية قابلة للتنفيذ، وتكون تحت تصرف الجميع من السلطات المحليّة، ثم يتبع ذلك اختيار فريق العمل وتحديد الأولويات، فمن خلال معرفة ماذا تريد من المشروع وتحديد الأولويات تجد أن كل المشاكل لها حل.
وضع الضوابط
يتحدث د. علي بمحبة عن مشروع عاش دقائق أيامه، وتابع صعوباته وتم إنجازه بزمن قياسي.. تسأله: كيف تم ذلك؟ يجيبك بلطفه وابتسامته التي لا تفارقه: إن الإنجاز يكون دائماً من خلال وضع ضوابط يعتمدها الجميع، وإطارها القانوني ميسر. فأعمال الترميم في سوق السقطية بدأت بالسطح الخارجي، ثم تلاها تنفيذ البنية التحتية وإعادة شبكات الإنارة، وكل ذلك تم – كما يقول – من خلال استخدام التكنولوجيا المتطورة والتقنيات ثلاثية الأبعاد في تجهيز المخططات والدراسة، والتي تم إنجازها بعد الدراسة الاجتماعية والتاريخية للسوق ودوره الاقتصادي، ما ساعد في تحديد الأولويات، وهذا ما ميّز المشروع بالدراسة التي اتصفت بالدقة وتحديد الهدف.
السوق الذي يشمل ٥٣ محلاً تجارياً أنجز ترميمه خلال ثمانية أشهر، وشمل الترميم إعادة بناء مواقع، وترميم بعضها، وخدمات بنية تحتية مميزة، وخاصة إدخال الطاقة الشمسية للإنارة. وحسب ما أشار الدكتور علي: “لم نكن نفكر أثناء تنفيذ المشروع بالجائزة، ولكن المتابعة وفهم المطلوب أوصل للفوز من ضمن ١٤ مشروعاً مقدّماً من كل العالم”!!
الاستفادة من التجربة
ربما تلفت أهمية الجائزة إلى قيمة الإنجاز والمعرفة وتوظيف الطاقات الأفضل للخروج بمشروع بات نقطة علامة في مسيرة ترميم الأسواق القديمة، واتباع التقنيات المستخدمة والرؤية الخاصة والاهتمام بأبسط التفاصيل وتوظيفها كما تستحق، وهذا مطلوب وبإلحاح في أعمال الترميم وإعادة الإعمار التي يجب أن تركز على تأصيل الهوية العمرانية ومفرداتها، وايقاف كل الأمور التي تساهم بتراجع تراثنا وتشويه عمارتنا؛ وهناك الكثير من الأسواق والمباني التي تحتاج إلى اهتمام وتعاون يثمر إنجازاً وجوائز، وتكون أهمها حماية التاريخ الذي تشكل هذه الأسواق والخانات جزءاً من مفرداته.