نـبـض ريـاضـي.. التحكيم الكروي.. عقدة بلا حل
“البعث الأسبوعية” ــ مؤيد البش
أسدل اتحاد كرة القدم الستار منذ أيام على فترة الانتظار الطويلة معلناً تشكيل اللجنة الرئيسية للحكام، حيث نالت هذه الخطوة العديد من المباركات والإشادات، كونها تخص مفصلاً هاماً وحيوياً لا يمكن لمسابقاتنا، ولا لكرتنا، أن تنجح إلا إذا كانت أموره بأفضل حال.
تشكيل اللجنة الجديدة كان إيجابياً جداً من ناحية الشكل، كونه أنهى فترة اللجنة المؤقتة التي استمرت مهمتها منذ منتصف الموسم الماضي تقريباً، لكنه من ناحية المضمون أثار الكثير من إشارات الاستفهام والتعجب، وتحديداً في نقطة عدد الأعضاء الذي وصل إلى أحد عشر، وهي سابقة لم يسبق لها أن حدثت.
فتشكيل لجنة بهذا العدد أمر غير منطقي، لأن هذا الجمع سيؤدي إلى فوضى تحكيمية، وخصوصاً أن كل عضو سيدفع من يتبناه إلى ملاعب الدوري ليمارس هيمنته، ولو على حساب مصلحة اللعبة؛ والفرق بدأت تتذمر من القرار التحكيمي في بعض المباريات منذ مطلع الدوري، والشواهد كثيرة، وتصريحات المدربين أكبر دليل، فأين سيذهب القرار التحكيمي بكرتنا؟
التحكيم في كرتنا ملف شائك جداً، ومشاكله كثيرة جداً، وبعضها مزمن لم يوجد له حل منذ عشرات السنين، وبعضه الأخر جديد، لكنه يحتاج إلى جرأة في العلاج؛ وإذا أردنا سرد أكبر مشكلة تواجهه نجد أنها تتجلى في الانقسامات والتكتلات التي تنشأ بالأساس من لجان التحكيم التي تعاقبت، وجعلت موضوع دخول سلك التحكيم أمراً شاقاً، وغير محبذ، بالنسبة للكثيرين الذين يدركون أن حصولهم على الفرصة صعب جداً إذا لم يكونوا من أهل الحظوة!
كما أن قضية التعويضات المالية قصة معاناة لا تنتهي، فرغم رفع أجور التحكيم لتصل لعشرات الآلاف للمباراة الواحدة في الدوري الممتاز، إلا أن هذا الرقم يبدو غير مرض بالنظر إلى كمية الإغراءات التي تصل للحكام، وبعضها يصل للملايين، فضلاً على أن عمر الحكم في الملاعب قصير، فكيف سيكفي هذا المبلغ لمستلزمات الحياة وتأمين المستقبل؟
وهناك نقطة على غاية الأهمية تتعلق بتأمين الحماية للحكم معنوياً، ففي الآونة الأخيرة كثر محللو التحكيم عبر الشاشات، ومنهم من تكون له صفة في اللجنة الرئيسية للحكام، لنشاهد إدانة لقرارات بعض الحكام، وتحميلهم أموراً لا طاقة لهم بها، ومن ثم معاقبتهم بشكل علني، ما يزعزع ثقة الحكم بنفسه، ويجعله في موضع شك واتهام في المباريات التي يقودها بعدها.
وإذا أردنا عقد مقارنات بين ما يتم تقديمه لحكمنا ولحكام بعض الدول المجاورة، نجد أن الظلم الواقع على حكامنا ليس مادياً أو معنوياً فقط، بل يتعداه لحرمانهم من كثير من الأمور اللوجستية التي باتت من أساسيات نجاح العملية التحكيمية من قبيل تقنية الاتصال بين الحكام أثناء المباريات والتجهيزات الأساسية، وصولاً لتقنية الفيديو التي باتت ضرورة بعيداً عن تكلفتها الباهظة.
ختاماً وكما أسلفنا سابقاً التحكيم هي حلقة هامة من سلسلة تطوير اللعبة ككل وأي حديث عن خطط لتطوير كرتنا بعيداً عن إنصاف الحكام وتوظيف قدراتهم بشكل عادل سيكون إضاعة للوقت، وعليه فإن بداية الطريق لبناء تحكيم معافى هي إعادة النظر في تشكيلة لجنته الرئيسية والابتعاد عن الحسابات الشخصية في تعيينها.