ماذا يعني انتصار «الاستابلشمنت» الأمريكي؟
“البعث الأسبوعية” د. مهدي دخل الله
يبدو أن «الاستابلشمنت» أو «المؤسسة» أو «الدولة العميقة» انتصرت أخيراً على الرئيس المنفلت من العقال ترامب. احتمال موجود, لكنه بسيط, أن يكون للمجمع الانتخابي بعد أيام رأي آخر..
المهم في الأمر أن الانتخابات الرئاسية لدى «العم سام» تثير باستمرار اهتمام العالم بكامله لما للولايات المتحدة من دور وموقع في العلاقات الدولية. لكن الإنتخابات الأخيرة فاقت في ضجتها واهتمام العالم بها كل ما سبقها من دورات سابقة. هناك سببان لهذه الظاهرة: اولاً.. أن المجتمع الأمريكي يعاني فعلاً من انقسام حاد ظهرت دلائله في ارتفاع نسبة الإهتمام بالسياسة بين المواطنين, وثانيا.. بسبب التطور الكبير في تكنولوجيا الإعلام والتواصل..
ويعتقد الكثيرون في صف العالم النامي, القسم التحرري منه, أن لا فرق بين جمهوري وديمقراطي بالنسبة لقضايا التحرر والاستقلال في العالم. وهذا صحيح إذا أخذنا بعين الإعتبار الهدف المشترك للسياسة الأمريكية, أي تعزيز الهيمنة والاستعمار الجديد. لكن المشكلة في مكان آخر, هو أن لكل من الحزبين نظريته ومفهومه المختلف عن الآخر في تحقيق هذا الهدف المشترك. ولابد لنا من معرفة الاختلاف بين المفهومين والأسلوبين كي نستطيع المواجهة بالشكل المناسب..
أكثر ما يهمنا في المنطقة العربية هو أن الديمقراطيين يرون في «الإسلاموية السياسية» أداة مهمة لتحقيق هذه الهيمنة, بينما يتخذ الجمهوريون – بوجه عام – موقفاً سلبياً تجاه هذه «الإسلاموية»..
الأمر الآخر هو أن الديمقراطيين أكثر ميلاً للمواجهة المسلحة, بينما يفضل الجمهوريون سلاح الاقتصاد بكل مافيه من تنافس حاد وضغوط وغير ذلك!..
لا ننسى أن «الربيع العربي» كان من اختراع الديمقراطيين وهدفه تقسيم العراق وسورية وليبيا، واخضاع باقي المنطقة العربية إخضاعاً تاماً. واليوم يعود الديمقراطيون للحكم – بعد أن يصدر المجمع الإنتخابي قراره – فهل سيتابعون خطتهم؟..
إنه سؤال كبير.. لكن المهم أن الأوضاع اليوم أكثر تعقيداً, فالتصدي السوري أضحى حقيقة قوية في العلاقات الدولية ولم يعد من السهل رمي شباك التقسيم من جديد. لا يمكن التفكير بإعادة المحاولة مرة أخرى إلا إذا كان ساكن البيت الأبيض الجديد أصماً أبكم أعمى..
وبالنسبة للاستابلشمنت الأمريكي, فإن الأمر كله يتعلق بالقضاء على ظاهرة ترامب وليس دعم بايدن. لقد اسقطوا ترامب.. هذا هو الحدث الحقيقي أما بايدن فلم يساعده سوى الحظ لأن المؤسسة الأمريكية قررت التخلص من ترامب حتى لو كان البديل شخصاً مسناً وضعيفاً كبايدن، ناهيك عن أنه كاثوليكي.. الرؤساء دائماً هم من البروتستانت الأنجليكان ما عدا كندي … وبايدن!..