العدوان على سورية يستوجب محاكمة بايدن
إعداد: علاء العطار
واصل جو بايدن سياسات سلفه في الاعتداء على دولة ذات سيادة، إذ أمر بشنّ غارة عسكرية بالقرب من الحدود العراقية السورية، تحت مزاعم وذرائع واهية لا تمت إلى الحقيقة والواقع بصلة، إذ ادّعت إدارة بايدن أنها ضربت قوة “تدعمها إيران” رداً على الهجمات الصاروخية الأخيرة على المنشآت الأمريكية في العراق.
وكما شهدنا وسمعنا في عهدي أوباما وترامب من قبله، كان تبرير بايدن للعدوان الأمريكي وأهدافه غير مقبول من أي عاقل، وزعمه أن الاعتداء سيؤدي إلى “خفض التصعيد” في المنطقة أمر يثير السخرية، فكيف تصل إلى التهدئة عن طريق العدوان؟!. وهكذا ينضمّ بايدن إلى القادة الأمريكيين الذين لم تحقق تدخلاتهم في الشرق الأوسط، وسورية على وجه التحديد، شيئاً يصبّ في مصلحة الولايات المتحدة، بل ساهمت في استشهاد آلاف المدنيين والأبرياء.
شنّ ترامب عدواناً على الأراضي السورية في عام 2018، وزعم أنه انتقام من استخدام الحكومة السورية للأسلحة الكيميائية، دون أن تثبت إدارته هذه المزاعم أبداً، حتى إن تسريبات خبراء من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية فضحت أكاذيبه ومن لفّ لفّه. فيما فرض فيما بعد وتحت الذرائع ذاتها عقوبات لاشرعية ضد سورية، في محاولة لإجبار الشعب السوري على الاستسلام لتعليمات الدول الغربية، وذلك بعد أن قام أوباما بتدريب وتسليح الجماعات التابعة لتنظيم “القاعدة” للإطاحة بالحكومة السورية الشرعية.
لم يقدم الاعتداء الجوي الذي شنته إدارة ترامب على سورية شيئاً لتعزيز المصالح الأمريكية الحقيقية في المنطقة. لكن إطلاق 100 صاروخ توماهوك كان له أثر كبير في زيادة الأرباح المالية لشركة “رايثيون” لصناعة الصواريخ. وما يثير الاهتمام أن وزير الدفاع الأمريكي الحالي جاء إلى إدارة بايدن مباشرة من منصبه السابق في مجلس إدارة شركة “ريثيون”. وهذا يشابه ما قاله الكاتب الأمريكي توم وودز ذات مرة ساخراً: “بصرف النظر عمن تصوّت له، سيستلم المنصب أمثال جون ماكين”. وربما من المنصف أن نقول أيضاً إنه بصرف النظر عمن تصوت له، سيزيد ثراء شركة “ريثيون”.
أضاع الديمقراطيون أربع سنوات في محاولة إزاحة ترامب من منصبه بذريعة “روسيا غيت”، واتهامه بأنه قاد تمرداً على الحكومة الأمريكية في السادس من كانون الثاني الماضي. ومع ذلك، عندما بدأ ترامب بالاعتداء على الأراضي السورية دون تصريح حرب من الكونغرس أو تفويض، وقف معظم الديمقراطيين وهللوا له.
في الواقع، إن شن حرب على دولة لم تهاجم الولايات المتحدة ولم تهدّدها قط هو جريمة تستوجب المحاسبة، والحزبان الجمهوري والديمقراطي يتشاركان مسؤولية جرائم الحرب في سورية وغيرها.
يجب محاكمة بايدن على عدوانه على سورية، مثل ترامب وأوباما من قبله. لكن لا أحد في واشنطن سيسعى وراء عزل رئيس يقود بلاده إلى الحرب بتهور، فهذا شحم آلة الحرب الأمريكية وهوسها.
أليس غريباً أننا لم نسمع شيئاً من واشنطن عن تنظيم “داعش” على مدار العامين الماضيين، وفجأة تخبرنا وسائل الإعلام الغربية السائدة أن التنظيم عاد يعيث فساداً!. عندما قال بايدن “أمريكا عادت”، كان يقصد “عودة حزب الحرب”، لكأنهم غادروا يوماً يوما!!