رسائل النار تزداد في المنطقة.. فما هي الأهداف؟
محمد نادر العمري
شهدت المنطقة في أقل من نصف شهر تطورات ساخنة في أكثر من رقعة جغرافية تراوحت مابين البحر والجو والقواعد العسكرية، وكأن الصراع ما بين محور المقاومة من جهة، ومن جهة ثانية المحور الصهيوأمريكي، أخذ أبعاداً جديدة.
فانفجار السفينة “إم في هيليوس راي” الإسرائيلية والمملوكة من قبل “أبراهام أونغار” المقرب من رئيس الموساد، يوسي كوهين، في خليج عمان، عندما كانت في طريقها إلى سنغافورة من الدمام، والتي ثبت بالأدلة أن الثقوب التي نشأت فيها “لم تنجم عن هجوم خارجي فحسب، بل إن عناصر من داخل السفينة نفسها تسببوا بهذه الثقوب بهدف خلق عملية كاذبة”، لا يمكن فصله عن العدوان الأميركي، بموافقة الرئيس الأميركي الجديد “جو بايدن”، على سورية. العدوان جاء دون سابق إنذار، ودون وجود أسباب واضحة له، ودون إعلام حتى الكونغرس به، وهو ما أثار موجه انتقادات لأعضاء في الكونغرس، الذين اعتبروا أن الرئيس تجاوز صلاحيات الكونغرس. وعن التطور الثالث الذي تمثل في استهداف قاعدة عين الأسد لمرتين متتاليتين في أقل من أسبوع بصواريخ دقيقة أصابت أهدافها، وهو ما قرأ من قبل نخبة الرأي والسياسة في واشنطن بأن إدارة جو بايدن أخطأت حساباتها في عدوانها الأول على الحدود السورية – العراقية، حيث اعتقدت أن رداً اعتبرته رمزياً على مصالحها في المنطقة سيردع فصائل المقاومة عن مواصلة عملياتها، لكن ما حدث هو العكس، إذ جاء الهجوم الجديد على قاعدة عين الأسد، لينبئ بمعادلة مختلفة ترتسم معالمها على وقع المعاملة بالمثل وربما العدوان بضربة أوجع.
وبالتالي متابعة هذه التطورات وغيرها من عمليات تقوم بها فصائل المقاومة اليمنية ضد السعودية توحي بالنقاط التالية:
– أولاً محور المقاومة اتخذ قراره بالتخلي عن صبره في التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية وهذا التطورات توحي بمراحل أكثر تقدماً في الجغرافية العراقية والسورية واليمنية ضد التواجد الأمريكي، والذي لن يكون فقط ضبط السلوك هو الهدف بل التواجد بحد ذاته، وهو ما بدا لافتاً في عدد الصواريخ التي استهدفت قوات الاحتلال الأمريكي بقاعدة عين الأسد هذه المرة، إذ لم يتجاوز عددها سابقاً في أي هجوم، خمسة صواريخ، فيما بلغت مؤخراً 13 صاروخاً أصابت أهدافها بدقة.
– رفض إيران منح بايدن هدية مجانية عبر قبولها الدخول في اتفاق جديد للاتفاق النووي أو قبول بشروط واشنطن، دون قيام الأخيرة برفع العقوبات، واعتبار ذلك مناورة أميركية هدفها كسب الوقت والمراوغة، وتقليص التعاون مع مفتشي وكالة الطاقة الذرية الدولية إلى حدوده الدنيا، وهو ما دفع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للمسارعة في دعوته للحوار الدبلوماسي حول الاتفاق النووي.
– إصابة الأهداف بدقة سواء في العمق السعودي أو ضد القاعدة الأميركية في العراق يرجّح أن يكون ترجمة لبدء استخدام أسلحة دقيقة، سبق أن لمّح عدد من قادة الفصائل إلى دخولها الخدمة.
– النتائج العكسية التي ترتبت على تبني بايدن وموافقته على العدوان الأخير ضد سورية، فقد أفاد موقع “ديفنس نيوز” الأميركي المتخصص بالشؤون العسكرية في تقرير له إن الضربة العدوانية أعادت الجدل الدائر منذ فترة طويلة بشأن صلاحيات الرئيس الدستورية لتنفيذ العمليات العسكرية وبشأن الصراع مع الكونغرس لاستعادة صلاحياته في شن الحرب منذ عهد الرئيس السابق دونالد ترامب. ونقل الموقع عن السيناتور الديمقراطي تيم كين قوله في التقرير إن العمل العسكري من دون موافقة الكونغرس ليس دستورياً، في ظل ظروف استثنائية يجب اطلاع الكونغرس بشكل كامل على هذه المسألة على وجه السرعة.
من جانبه وصف عضو لجنة العلاقات الخارجية السيناتور كريس ميرفي الاعتداءات الجوية على الحدود السورية العراقية بأنها غير مقبولة، مشدداً على أنه يجب على الكونغرس أن يلزم إدارة بايدن بالمعايير نفسها التي كانت تتبعها الإدارات السابقة، وأن يطلب مبررات قانونية واضحة للعمل العسكريي. من جانبه، قال السيناتور الجمهوري عن ولاية كنتاكي راند بول في تغريدة على “تويتر” إنني ” أدين مهاجمة دولة ذات سيادة، ما السلطة التي يملكها بايدن لضرب سورية؟”. وأشار التقرير إلى أن التقدميين وبعض الجماعات المناهضة للحرب التي عملوا معها لتأمين التزام بايدن بإنهاء الدعم الأميركي للعمليات العسكرية الهجومية في اليمن عبروا عن استيائهم من العدوان الجوي على الحدود العراقية السورية.
الأمور تزداد تعقيداً وبخاصة للأميركي، الذي بات اليوم هو بين خيارين إما تنفيذ تصريحه الانتخابي بإنهاء الحرب في أفغانستان والشرق الأوسط، أو الغرق أكثر في رمال المنطقة.