ملك في بيروت.. منبوذ في باريس
“البعث الأسبوعية” د. مهدي دخل الله
إنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون..
طالما أثارتني مقولة: « المقاومة أقل تكلفة من التبعية ».. هي مقولة من الصعب إثباتها لولا أن الدول العربية تقدم الدليل تلو الدليل على أنها مقولة صحيحة تماماً..
المشكلة ليست في التبعية وحدها، وإنما في افتخار البعض بتبعيتهم، سواء في إطار التطبيع المجاني المذل مع إسرائيل، أو في السماح للطائرات الإسرائيلية بعبور الأجواء العربية، وفي عزف النشيد الاسرائيلي ـ الذي ينص على قتل العرب ـ في ستاد رياضي خليجي..
لكن هناك أدلة أخرى على ” فضائح ” التبعية. فقبل أشهر قرر بعض التجار الأردنيين تنظيم عمل تجاري مع أقاربهم السوريين في محافظة درعا. جن جنون السفارة الأمريكية في عمان حيث قام ملحق في السفارة بدعوتهم ليهينهم ويمنعهم من التجارة مع أولاد عمومتهم بعد الخط الشمالي من حدود الأردن.. إنه ليس مجرد انتهاك فظ لسيادة الأردن.. هو انتهاك وحشي لشخصية المواطن الأردني ومشاعره وحقوقه كإنسان..
هل يرضى سوري واحد بأن يحصل هذا في بلده؟؟…
أما الرئيس ماكرون الذي تمختر في شوارع بيروت وكأنه السلطان الأكبر، فقد تخطى كل ما هو معقول حتى في الفلسفات الاستعمارية ومنطق الهيمنة والتسلط. أتحدى هذا الرئيس بأن ينزل إلى الشانزليزيه، أو أي شارع من شوارع عاصمة بلاده، باريس، ويتمختر فيها كما فعل في شوارع مدينة العرب المحبوبة بيروت..
لولا الكورونا لما هدأت ثورة باريس وغيرها من المدن الفرنسية ضد ماكرون، الرئيس المنبوذ في بلده، المبجل لدى المسؤولين في لبنان. لا يغيظني تصرف ” ملك لبنان الفرنسي ” على أرضنا العربية المقدسة في بيروت بقدر ما يغيظني تصرف المسؤلين في لبنان. لقد أصبحت ” مبادرة ماكرون ” عندهم قسماً مقدساً يرددونه كل يوم، ويدعمون به آراءهم وقراراتهم..
هل يرضى سوري واحد بأن يرى رئيساً أجنبياً يتمختر في شوارع دمشق ويوزع علينا “عبقريته” حلولاً لمشاكلنا؟؟.
أليست التبعية غالية التكلفة فعلاً ؟؟..